القائمة الرئيسية

الصفحات

طفولة النبي وإرهاصات النبوة
  في ظلال مكة وصحراء بني سعد، بدأت حكاية استثنائية لطفلٍ غير عادي، وُلِدَت مع أنفاسه الأولى بشائر النور والرحمة التي ستفيض على العالم. هذه ليست مجرد قصة طفولة؛ بل هي رحلة إعداد إلهي غامضة، حيث تنسج السماء وقائعها بتأنٍ ودقة، ممهدةً الطريق لرسالة ستغير وجه البشرية. كيف يواجه يتيمٌ اختبارات القدر، وكيف تُشكل المعجزات خُطاه في البادية؟ دعونا نستكشف أولى صفحات السيرة التي تحمل إرهاصات النبوة وتجليات العظمة.
  تطل الحكاية من أفق مكة، حيث رحل الأب قبل أن تُشرق شمس حياة ابنه. حمل القدر بين طياته أول اختبارٍ لطفلٍ سيُصبح منارةً للنور والرحمة. وجد محمد صلى الله عليه وسلم في حضن عبد المطلب، جدّه الحاني، أمانًا يشبه الحقول المزهرة التي تنعش الأرواح. وعندما جاءت الأقدار لتحمله إلى صحراء بني سعد، بدت كأنها تقول إن القوة والعظمة تتشكّل في حضن الطبيعة القاسية.
بين الرمال الذهبية والنسيم العليل، عاش محمد - صلى الله عليه وسلم - طفولة ملأى بالبركة في بادية بني سعد. هناك، تضاعف لبن المواشي، وامتلأت القلوب بالرضا، وأصبحت حليمة السعدية تتحدث عن معجزات هذا الطفل الصغير التي صنعت فارقًا دون أن يدري.
وفي مشهدٍ رهيب ومهيب، نزل جبريل عليه السلام على محمد وهو يلعب مع الغلمان، فشق صدره وغسل قلبه بماء زمزم، تطهيرًا له من شوائب الشيطان. كانت هذه الحادثة رمزًا لإعداد إلهي يُمهّد لطفلٍ سيحمل أعباء رسالة عظيمة. وعندما أخبرت حليمة آمنة بما رأته، قالت الأم بثقة مؤمنة: "رأيت نورًا خرج مني أضاء قصور الشام."
عاد محمد إلى مكة ليجد في أمه حضنًا متعبًا لكن مليئًا بالحب، حتى رحلت عن الدنيا وهو في السادسة. استقبل اليُتم مرة أخرى، لكنه وجد في عبد المطلب دفئًا وحنانًا يعادل دفء الشمس. وفي لحظة خوفٍ عميقة عندما تأخر النبي أثناء البحث عن ناقة ضائعة، أنشد عبد المطلب بحرقةٍ: 
"رب رد إلي راكبي محمدا... رده رب إلي واصطنع عندي يدا."
وعندما عاد النبي سالمًا، تعهد الجد قائلًا: "لن أرسلك في حاجة بعد الآن، ولن أفارقك أبدًا."
مع رحيل عبد المطلب، انتقل محمد إلى كنف عمه أبي طالب الذي كرّس حياته لحمايته. قضى النبي طفولته محاطًا بحبٍ عميق ورعايةٍ أزلية، مما شكّل أساسًا متينًا للرسالة التي ستُحدث أعظم أثر في تاريخ البشرية.
  كتبته الأستاذة 
خديجة آلاء شريف  
مقتبس من السيرة النبوية 
 كتبته في قالب فني أدبي أتمنى أن يعجبكم

تعليقات