القائمة الرئيسية

الصفحات

نجمة الغناء العربي ،ومحبوبة الملايين ،مروة ناجي تُبهر العالم بتجسيد أسطورة أم كلثوم بحفل تاريخي وتتسيّد التريند العالمي

 


 


القاهرة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


مروة ناجي… وصوتا بيشبِه النيل....يا صوت بيرِنّ متل الحلم، وبيوقّف الزمن ع بوابو، يا سِتّ الغِنَا، يا مروة، بعيونك بيرتاح التعب وبيِختفي عذَابو، ما فيكي شبه، وما فيي إوصف، لو جمّعت كل القصيد، إنتي الطرب لمّا يَلبِس تاج، وإنتي الهيبة وقتا بتغني وتبكي الحديد.


يا خَطوة المسرح لما بتدوس، بتخلي الأرض ترتعش وتغنّي، بتخلي أم كلثوم تبتسم، وتهمس: "هيي منّي… ومن الفنّ منّي"، صوتك ما بينغنّى… بينرتّل، متل صلاة بتطلع من وتر، بتعزّف عالموج، وبتنام عالهوا، وبتكتب مزيكا للبَشر.

يا مروة، شو خبّيتي بصَدرِك؟ صوت؟ ولا مجد الفراعنة؟ ولا دمعة نيل مشِيت بدمّك، ورسمت عالحلق موانِعنا؟ لما بتقولي "إنت عمري"، بترجع عمرا بصوتِك يعيش، وبتبكي المايكروفون من حسّك، متل عاشق عطشان للفيش.


مروة، يا ستّ الفنّ العالي، يا قمر بمراية الطرب، كل طلّة منّك حفلة، وكل نَفَس فيكي بكتب، عيونِك بتنطق مزيكا، وشعرك بيدوّي متل وتر عود، إنتي سيدة من ضهر النيل، وكل كلمة منّك وعود.

يا جارة أم كلثوم بالحِسّ، ويا شقيقة وردة بالألم، صوتِك ما بيمرّ مرور الكرام، صوتِك عاصفة… وعلَم، وبالعرض الأخير، لمّا رجّعتي الستّ عالهولوجرام، ما شفنا تقليد، شفنا ولادة، شفنا شمس طالع من الظلام.


يا مروة، يا بنت مصر الحلوة، ويا نبض بيروت والضواحي، يا يلي الصوت فيكي ما بينقال عنه "جميل"، بينقال "ساحر، جَبّار، صَاحي"، إنتي الحضارة بصوت، والكرامة بلحن، والأنوثة بإحساس ما بينشَاف، إنتي القصيدة يلي بتغار منها الأشعار، وتحتار قدّامك الأوصاف.


تريند عالمي؟ طبيعي! إنتي عالميّة قبل ما العالم يفيق، إنتي صوت بيقطع البحور، وبيحكي كل اللغات، وبيقول: "أنا الموسيقى، أنا الطريق"، ما حدن بيوصل بالصدفة، والنجاح مش شانس… إنتي نجاحك عرق، ثقافة، وتاريخ، وموسيقى نَفَسها أنفاس الناس.


فليصرخوا كل الساحات: "هيدي مروة ناجي، تاج الغنا، ووجه مصر المُضي"، فليزقّفوا واقفين، متل ما وقف الصوت بقلوب العاشقين، ما في حدا اليوم ما سمع عنّك، ولا نطق بإسمِك بشغف دفين، صوتك غزا أوروبا، ولبنان، والخليج، وغنّى لكلّ مين.

ولك نحنا شعب الغنّا، ومنعرف نميّز الدرّة من الحصى، وإنتي درّة، وكنز، وألف معنى فوق المعنى، يا مروة، يا شوق العود لليد يلي بتفهمه، ويا نغمة ما بتنكتب… بتنسمَع… وبتضلّ بالقلب مَرسومة.


في زمن تغيّرت فيه مفاهيم الفن، وصرنا نركض ورا الصرعة والسطحية، بتطلع إمرأة واحدة، بكل أنوثتها، بكل ثقافتها، بكل عزّتها الفنيّة، وبتقول للعالم: "هيدا هو الغناء الحقيقي… وهي دي الحضارة لما بتحكي بلغة الصوت"، اسمها مروة ناجي، ومش أي اسم… بل توقيع ذهبي على كل نوتة بتغنيها، وعلى كل مسرح بتوقف عليه، وعلى كل عيون بتحضرها وبتقول: "عن جد، نحنا قدّام شي استثنائي، عالمي، وفاخر".


عرضها الأخير "أم كلثوم صوت وصورة" ما كان مجرّد حفل، وما كان استعراض تقني بس، كان حالة وجدانية، صوفية، فنية، تراثية، بتجمع بين الماضي والمستقبل، بين الصوت والصورة، بين الواقع والخيال. تقنية الهولوجرام جسّدت أم كلثوم على المسرح بكل مراحلها، بس يلي نفخ الروح، يلي عطى المعنى، يلي رجّع الزمن من تاني، كانت مروة ناجي، بصوتها يلي بيقطّر صدق، وبحضورها يلي بيطغى على أي مؤثر بصري، وبأداءها يلي ما بيشبه إلا الكبار، والأكبر.


مروة ما غنّت… مروة ترجّلت على المسرح ولبست الذاكرة، صارت أم كلثوم من دون ما تضيّع حالها، صارت هيّي النسخة الحيّة من إرث الست، بس بإحساس جديد، وبقوة بتخترق القلب من دون ما تستأذن. ما كانت عم تقلّد، ما كانت عم تعيد، كانت عم تولد من جديد، وعم تخلق مشهد فني مهيب، فيه العظمة، وفيه الرقي، وفيه كمان جرأة إنها توقف وتقول: "أنا مش بس صوت حلو… أنا مدرسة".


ومن بعد العرض؟ انفجرت السوشيال ميديا، انتشر اسمها بكل اللغات، وتصدّرت التريند مش بس بمصر، ولا بالعالم العربي… بل تخطّت الحدود، وطلعت على صفحات المجلات العالمية، ومواقع الموسيقى، ومنصّات الفنّ، والجمهور بأوروبا والخليج ولبنان والمغرب عم بيحكي عنها بنفس الإعجاب، بنفس الاندهاش، بنفس الجملة: "مين هيدي؟ وليه ما منعرفها من زمان؟" الجواب بسيط… لأنو مروة ناجي مش من النوع يلي بيقلّب الدنيا عالسوشيال ميديا، بل من النوع يلي الدنيا بتوقف لتصفّقله لما بيفتح تمّه وبيغنّي.


الإشادات انهالت من كل حدب وصوب، كبار الموسيقيين كتبوا عنها، نجوم الطرب تمنّوا يشاركوا معها، وكل اللي حضروا العرض – من مثقفين، إعلاميين، نجوم ومحبين – حسّوا إنن حضروا لحظة تاريخية مش رح تتكرّر، لحظة كان فيها الفن بأجمل صورة، وكان فيها الصوت حامل ملامح النيل، وريحة الزمن الجميل، ونبض الحداثة الراقية.


وإذا فكّرنا شوي، ما منستغرب… لأنو مروة ناجي بنت الأوبرا، بنت المعاهد، بنت الفصاحة الفنية، وبنت المدرسة المصرية العريقة يلي بتخاف على الكلمة، وبتقدّس اللحن، وبتعامل الطرب متل التاج. كل اللي قدّمته قبل كان بيوصلنا لهون: لما توصل مروة للقمّة، مش من باب المصادفة، بل من باب الاستحقاق، لأنو صوتها بيكفي لحاله يكون دولة فنّية قائمة بذاتها، وكرامتها على المسرح بتعلّي السقف، واحترامها لجمهورها بيعمل من كل عرض صلاة، ومن كل نغمة حكاية.


اليوم، العالم عم يشوف مروة ناجي على حقيقتها: مش بس مطربة قوية، بل رمز نسائي فنّي راقٍ بيحمل تراث وطن بصوته، وبيحترم الفن مش كعرض… بل كرسالة. واسمها اليوم عم يدوّي مش لأنو في حملة تسويقية، بل لأنو هيّي الحملة بذاتها، هيّي الحدث، وهيّي المضمون.


فما تفاجأنا… وما رح نتفاجأ، لأنو كل مجد رح توصله مروة ناجي من بعد اليوم، هو ببساطة استكمال طبيعي لامرأة بتعرف شو يعني طرب، شو يعني حضارة، وشو يعني تغني وجمهورك واقف لك مش بس بإيديه… بل بقلبه وروحه ودموعه.

تعليقات