22 أبريل 2025
الإخبارية نيوز :
بقلم : نبيل أبوالياسين
انفجرت فضيحة أمنية جديدة تهز إدارة ترامب، تكشف أن وزير الدفاع الأمريكي "بيت هيغسيث "حوّل التخطيط لضربات عسكرية خطيرة على اليمن إلى"دردشة عائلية" عبر تطبيق«سيغنال»، حيث شارك تفاصيل حساسة مع زوجته وشقيقه ومحاميه الخاص، متجاهلاً بروتوكولات الأمن القومي، وفقاً لتحقيق خاص لصحيفة "نيويورك تايمز"، كُشف النقاب عن محادثة ثانية على التطبيق نفسه الذي استُخدم سابقاً لتسريب خطط عسكرية لصحفي عن طريق الخطأ، ما يطرح سؤالاً مُلحّاً: هل تحوّلت إدارة ترامب إلى "غرفة دردشة مفتوحة" تُدار فيها الحروب بين العائلة والأصدقاء؟.
«سيغنال».. منصة إدارة الحروب السرية
كشفت الوثائق المسربة أن هيغسيث أنشأ مجموعة دردشة خاصة على «سيغنال» باسم "اجتماع فريق الدفاع"، ضمت 13 شخصاً بينهم زوجته "جينيفر"(صحافية سابقة في فوكس نيوز)، وشقيقه "فيل" (موظف في البنتاغون)، ومحاميه الخاص "تيم بارلاتوري"، وناقشت المجموعة تفاصيل دقيقة عن توقيت إقلاع طائرات F/A-18 هورنت، وجدول الضربات الجوية على الحوثيين في 15 مارس/آذار،
وهي المعلومات نفسها التي ذُكرت لاحقًا بتفاصيل أوضح، التي ضمت كبار المسؤولين الأمريكيين، والمفارقة أن هيغسيث استخدم هاتفه الشخصي لإنشاء المجموعة، متجاهلاً تحذيرات البنتاغون السابقة بعدم استخدام التطبيق غير المُصرح به للمعلومات السرية.
زوجة الوزير في قلب العاصفة: "ما الذي تحتاجه جينيفر من خطط الحرب؟
أثارت مشاركة زوجة هيغسيث في المحادثة تساؤلاتٍ حول سبب حاجتها إلى الاطلاع على تفاصيل عمليات عسكرية، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال"، حضرت جينيفر اجتماعات سرية مع مسؤولين عسكريين أجانب في فبراير الماضي، حيث نوقشت معلومات استخباراتية حساسة، بل إن شقيق الوزير"فيل" الذي يعمل في وزارة الأمن الداخلي، تلقى تفاصيل عن الضربات دون مبرر وظيفي واضح، وهذه التصرفات تعكس ثقافةً داخل إدارة ترامب تتهاون مع تسريب المعلومات، بل وتُعادي الشفافية المؤسسية .
البيت الأبيض يُنكر.. والخبراء يحذرون: هذا تهديد للأمن القومي
على الرغم من محاولات البيت الأبيض التخفيف من حدّة الفضيحة، عبر تصريحات نفي متكررة مثل: لم تُناقش أي معلومات سرية، فإن خبراء أمنيين مثل "فيليب إنغرام" ضابط استخبارات سابق أكدوا: أن التفاصيل المُشارَكة تُصنَّف كـ"سرية للغاية"، إذ يمكن استخدامها لتحديد مسار الطائرات وتوقيت الهجمات، حتى أن "جون إليوت"، المتحدث السابق باسم البنتاغون، وصف الإدارة بأنها "في حالة فوضى عارمة" تحت قيادة هيغسيث .
«الدفاع عن «سيغنال»: أداة فعّالة أم تبريرات مُهترئة؟»
من جانبهم، دافع مسؤولو إدارة ترامب عن استخدام تطبيق «سيغنال» باعتباره أداةً «فعّالة وسريعة» للتنسيق بين الفرق في ظل الأزمات، مُشيرين إلى أن المعلومات المُشارَكة لم تكن «سرية» بل مجرد تفاصيل لوجستية. بل هاجم شون بارنيل، المتحدث باسم البنتاغون، التقارير الإعلامية ووصفها بأنها «إعادة تدوير لقصة قديمة»، مؤكداً أن «هيغسيث يُدير الملفات العسكرية بكفاءة»، وأن «الانتقادات تهدف إلى تقويض نجاحات الإدارة في اليمن».
ترامب.. رجل "قوي" أم دمية في يد مستشاريه؟
في قلب الفضيحة، يُكشف النقاب عن مفارقة مُرّة: دونالد ترامب، الذي يتباهى بوصفه نفسه "الرجل القوي" القادر على فرض النظام، يظهر كـ"دميةٍ تُحركها أيدي مستشاريه المتصارعين"، فبحسب تحليل "وول ستريت جورنال"، تتحكم "سياسة التذبذب" في إدارته، حيث تُقرر المواقف بناءً على "من يدخل الغرفة آخرًا"، ففي قضية التعريفات الجمركية مثلاً، ينقسم فريق ترامب إلى فصيلين: أحدهما يرى التعريفات أداةً للتفاوض بقيادة وزير الخزانة "سكوت بيسنت"، والآخر يُصر على استخدامها لعزل أمريكا اقتصادياً بقيادة "بيتر نافارو"، والنتيجة؟، قرارات متضاربة تعكس هشاشة قيادة ترامب، الذي يصفه محللون بأنه "رئيس بلا بوصلة"، تُدار أفكاره عبر صراعات مستشاريه، لا عبر رؤية موحدة، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل "القوة" التي يتغنى بها ترامب مجرد قناعٍ يُخفي خلفه رجلاً عاجزاً عن السيطرة حتى على أفكاره؟!.
الكونغرس يشتعل: إقالة هيغسيث أو انهيار المصداقية
تصاعدت الضغوط السياسية على إدارة ترامب، حيث طالبت سيناتورات ديمقراطيات مثل "تامي داكوورث" و"جاك ريد" بإقالة هيغسيث فوراً، واصفاتِ إيّاه بـ"المتهور الذي يعرّض حياة الجنود للخطر"، وحتى أن جمهوريين مثل "دون بيكون" انتقدوا استخدام تطبيقات غير آمنة، محذرين من أن "روسيا والصين تراقبان هذه المحادثات"، وفي المقابل، حاول ترامب الدفاع عن وزيره بقوله: "الهجمات كانت ناجحة، وهذا كل ما يهم" ، بينما هاجم الصحفي "جيفري غولدبرغ"ووصفه بـ"كاره الرئيس" .
البيت الأبيض يُنكر مجدداً: أخبار مزيفة
في تطورٍ جديدٍ يعكس استمرارَ حالة "الإنكار المُمنهج"، هاجم البيت الأبيض تقريراً "لـ" الإذاعة الوطنية العامة (NPR) كشف عن بحث الإدارة عن بديل لوزير الدفاع «هيغسيث»، واصفاً إياه بـ"الأخبار المزيفة"، وجاء الرد عبر منصة "إكس" تويتر سابقاً من المتحدثة باسم البيت الأبيض ، كارولين ليفيت:
"هذه القصة خاطئة بالكامل.. الرئيس ترامب يدعم هيغسيث بقوة"،
ولكن التصريحات الرسمية لم تُجب عن سؤالٍ جوهري: كيف تُبرر الإدارة استمرارَ وزيرٍ تُحيط به فضائح التسريب كتلك التي كشفتها "نيويورك تايمز"، والتي أكدت : مشاركته تفاصيل ضربات اليمن مع عائلته عبر «سيغنال»؟!، بين "التناقض"و"الفوضى"؟، ويبدو أن الإدارة تُفضّل إطلاق صافرات الإنكار عوضاً عن مواجهة ثقافة التسريب المُتفشية في دهاليزها.
هيغسيث يهرب إلى "إكس".. هجوم ليلي لإنقاذ منصبه
في محاولة يائسة لاحتواء العاصفة، شنَّ "هيغسيث" هجوماً ليلياً عبر منصة "إكس" تويتر سابقاً، واصفاً الدعوات لاستقالته بأنها "هجوم سياسي سخيف"، ومتجاهلاً الأدلة الدامغة التي نشرتها "نيويورك تايمز"، عن تسريبه تفاصيل الضربات الجوية لزوجته وشقيقه، وجاء رد هيغسيث المُتشنِّج بعد ساعات من تصريح "جون أوليوت"، المتحدث السابق للبنتاغون: البنتاغون تحت قيادته في حالة فوضى عارمة.. القيادة غائبة، والمسؤولون مشغولون بطعن بعضهم، وحتى أن مصادر داخلية كشفت أن هيغسيث يعتمد على محاميه الشخصي "تيم بارلاتوري" لإدارة أزماته، بدلًا من اللجوء إلى الخبراء العسكريين، والسيناريو يُذكّر بفيلم "الملك لير".. حيث الحاكم المُتهاوي يُنكر أخطاءه بينما تتداعى مملكته من حوله!.
وختاماً: إن فضيحة «سيغنال» ليست مجرد تسريبٍ عابر، بل هي انعكاسٌ لثقافة الإفلات من العقاب داخل إدارة ترامب، حيث تُدار الحروب كـ «جروبات عائلية»، وتُختزل الأرواح اليمنية في نقاشاتٍ عن "تفاصيل الجدولة"، والسؤال الأكبر: إذا كان وزير الدفاع لا يحترم أسرار بلاده، فكيف ستُحترم حقوق الشعوب؟!، بينما يُصر البيت الأبيض على تبريراتٍ مهترئة، ويبقى العالم يتساءل: هل باتت أمريكا تُدير حروبها عبر تطبيقات دردشة.. أم أن الفوضى هي سيد الموقف؟ .
تعليقات
إرسال تعليق