القائمة الرئيسية

الصفحات

نيكولا معوّض وجيهان بربور بكليب مصوَّر عَ يخت وبلحن بيشبه الحنين... SENİ SEVİYORUM" الأغنية يلي فجّرت التريند وصارت صرخة وجع عالميّة

الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 

بزمن الفن السريع والعابر، وبعصر الأغاني المصنّعة والنجومية المؤقتة، بيطل علينا النجم اللبناني العالمي نيكولا معوّض من بوابة العاطفة النقيّة، وبيقول "أنا هون" مش بمسلسل أو فيلم، إنما بصوتو، بإحساسو، وبخطوة موسيقية مفاجئة ما حدا كان متوقّعها، خطوة ما بتشبه غيرو، خطوة قلبت الموازين الفنية بين الشرقين، وخلّت العالم يسمع، ويوقف، ويتأمّل، مع الديو المؤثّر "SENİ SEVİYORUM" إلى جانب النجمة التركية الشاعرية جيهان بربور، بهالأغنية يلي مش بس دمجت ثقافتين وطنيتين، بل عبّرت عن شعور بشري واحد، وجمعت لقطات صورت عَ يخت عالبحر، ومشاهد عاطفية من نوع نادر، بلون الحبّ، والوجع، والصمت.

فيديو كليب على يخت وسط البحر… وبحر المشاعر أكبر

لما تبدأ الأغنية، وتفتح أول مشهد على يخت أبيض عم يعوم ع بحر أزرق بلا نهاية، والشمس نازلة على الميّ مثل دمعة على خدّ، بتفهم إنو المخرج ما كان عم يشتغل على فيديو عادي، إنما على لغة صورية عم تحكي بعيون الشخصيتين يلي واقفين على طرفين المركب، نيكولا عم يطلع بالأفق البعيد كأنو عم يفتّش على جواب، وجيهان واقفة بمواجهة الريح كأنها بتقاوم حنين، والصورة كلها مرسومة كأنها مشهد من رواية حزينة انكتبت بموج، وانقرت على رمل، وانمحى اسم الحبيب، بس الوجع بقى، والكاميرا بهاللحظات ما كانت بس تنقل حركة، كانت تفضح شعور، وتكشف ضعف، وتزرع بالقلب إحساس الخسارة الأنيقة.

 الأداء الصوتي… لما بيصير الغنا تمثيل، ولما الصوت بيبكي بدل الدمع

الصوت بهالأغنية مش أداة، ولا وسيلة، إنما هو هوية كاملة، ونيكولا معوّض بصوته الرخيم، والمليان دفء، وقدرته المدهشة على التعبير الصادق، عطى للكلمات بُعد جديد، وكأنو كل سطر مغنّى هو مشهد من مسلسل داخلي ما شفناه، بس حسّيناه، وهو عم ينطق بالتركية بلغة ما بتخصّو، بس هوّنها على حالو بالإحساس، فصرنا نسمع لغة ونفهم قلب، وجيهان بربور من جهتها، بصوتها البعيد والقريب بآن، المترجّح بين وجع الماضي وحقيقة اللحظة، حملت الأغنية على كتف الحنين، ومشت فيها بين جمل بتنزف، ومقامات بترتجف، فصار الغنا دمعة مش مسموعة، صارت الأغنية صدى نفس عم تطلب شي ما عاد فينا نرجّعوا.

 الكلمات... رسالة حبّ انكتبت بآخر لحظة قبل الغياب

إذا ركّزنا بالكلمات، يلي كتبتها ولحّنتها جيهان بربور بإتقان شاعري مذهل، منشوف إنو مش بس عبارات حب، إنما اعترافات مأخودة من قلب معركة شعورية بين التعلّق والاستسلام، بين الاشتياق والانطفاء، وعبارات مثل: "Seni seviyorum, seni özlüyorum – أُحبّك، وأشتاق إليك" ما بتنقال بشكل مباشر، إنما بتنزل متل المطر على قلب عطشان، ولما بتقول "أذوب بصمت، وأعرف أنني أنتهي" بتحسّ إنو في شي جواتك بيسكُت فجأة، وبيوقّف، لأن هالجملة مش بس توصف حالة، هي توصفنا، نحنا، وقت نحبّ ونضيع، ونبقى نحبّ وما نعرف ننسى، رغم إنو النسيان ضرورة، بس هني ما قدرو، ونحنا ما قدرنا، والأغنية بتصير مرآة لكل حدن ما قدر يفلّ من ذكرى.

 المشروع يلي جمع حضارات، وزرع صوت واحد بين القلوب

العمل بحد ذاتو هو كروس أوفر ثقافي وفنّي حقيقي، مش بس بين لبنان وتركيا، بل بين وجدانين متشابهين ولو اختلفت الجغرافيا، وهيدا النوع من التعاونات ما بيتكرّر بسهولة، لأنو نادراً ما بنشوف فنان ممثل بحجم نيكولا يخوض مغامرة غنائية بلغة أجنبية ويتقنها لهالدرجة، ويقدّمها من غير ما يخسر شي من رهافة إحساسو أو خصوصيتو، ويلاقي بوجهو فنانة مثل جيهان يلي بتمثّل رمز بالأغنية التركية المستقلة، وكل هيدا ببرودكشن احترافي عالي من شركة Ada Müsik يلي نجحت تحوّل المشروع لمادة فنية مش تجارية، مشروع إنساني قبل ما يكون غنائي، وصار اسمو يتردّد ببرامج فنية تركية وعربية، وتحوّل لمرجع بيُدرَس كيف ممكن أغنية توصل من بلد لبلد بدون ترجمة، لأن الحب هوّي الترجمة.

التفاصيل الفنية… لما كل آلة موسيقية تصير بطلة

الموسيقى توزيعها ما كان مجرّد خلفية، بل كانت شريكة تامة بالوجع، من تنظيم وتوزيع Emre Ay يلي قدّر يخلق مساحات صوتية بتكفي وجع القلب، وبتحضن الكلمات كأنها حضن، للمسات الميكسينغ والماسترينغ من Serkan Özyurt يلي عطى الأغنية بُعد سماعي واسع وشفّاف، ولآلات مثل الغيتار، والدرامز، والباص، والوتريات يلي اشتغلو عليها Emre Ay، Mert Önal، Yiğit Şen، Durmuş Ali Öztürk بترتيب متكامل وبيشبه عزف مشترك بين ذكريات، وما بنكر إنو بهالأغنية، الآلات ما كانت أدوات، كانت شهود على لحظة حب انكسرت.

 الختام… لما الأغنية تكون لحظة عمر مش رح تتكرّر

" ما هي ديو، SENİ SEVİYORUM"وما هي تجربة موسيقية، هي حالة كاملة، حالة بتجمع وجعين، وبتحكي بلغة مشتركة بين عيون نيكولا يلي بتحكي قبل ما يغنّي، وصوت جيهان يلي بيجرّح قبل ما يهدّي، والأغنية هيّدت كل الناس يلي حبّوا وندموا، أو حبّوا وضاعوا، أو حبّوا وما عُرفوا، ومع إنو المشاهد صورت ع يخت، والبحر بيغري، والمشهد بيشبه أفلام الحب، بس الحقيقة إنو الأغنية مش قصة حب… هي قصة فقدان، بس مكتوبة بحبر الشوق، وموقّعة بوجع ما بينسى.

تعليقات