القائمة الرئيسية

الصفحات

النجمة سيمون تُشيد بالمطربة جنات بعد غنائها أغنية "مش نظرة وابتسامة" مع الإعلامية منى الشاذلي وتُشعل التريند العالمي: أصالة الصوت تُلاقي أصالة الذكرى



الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


في لحظةٍ تلفّها نسمات الحنين، وتحمل في طيّاتها روح الأغنية الجميلة التي وُلدت من قلب التسعينات لتُعانق العصر الحالي بكل أناقته وتطوّره، أطلّت المطربة المغربية جنات على الجمهور العربي بصوتها العذب النقي عبر برنامج "معكم" مع الإعلامية اللامعة منى الشاذلي، لتُقدّم واحدة من أكثر اللحظات تأثيرًا على الشاشة العربية في الآونة الأخيرة، حين قرّرت أن تُعيد الحياة إلى أغنية "مش نظرة وابتسامة"، إحدى أيقونات الغناء المصري والعربي والتي تعود إلى النجمة الكبيرة سيمون، ذلك الاسم الذي لم يفارق ذاكرة عشاق الفن الحقيقي منذ عقود.


وفي مشهدٍ نادر تماهت فيه الأجيال، وذابت فيه الحواجز الزمنية، تصدّرت تلك اللحظة القنوات ومنصّات التواصل وأصبحت حديث الجمهور والنقاد والمحبين، حتى باتت الأغنية تريندًا عالميًا أعاد تعريف الذوق العام، وأثبت أن الأغنية الصادقة تظل حيّة مهما مرّت السنوات، وأن الصوت الجميل حين يُمسك بذكرياتنا لا يُعيدها فقط، بل يجعلها أكثر بهاءً ونضجًا.


وما جعل الحدث أكثر عمقًا وجمالًا هو تعليق النجمة الأصلية للأغنية، الفنانة سيمون، التي خرجت عن صمتها بعبارات مؤثرة تُشيد فيها بالمطربة جنات، حيث وصفتها بأنها "روح نقية تحمل صوتًا من ذهب، غنّت بحبّ فحملت الأغنية على جناح طهرها، ولامست القلوب من جديد"، وأكّدت أن سماعها للأغنية بصوت جنات جعلها تشعر وكأنها تسمعها لأول مرة من جديد، مشيرة إلى أن جنات لم تؤدّ الأغنية فقط، بل أعادت تفسيرها، وجعلت منها رسالة عاطفية جديدة تُخاطب هذا الجيل بلغته ومشاعره، دون أن تُفرّط في أصالتها أو تمسّ جوهرها الفني.


تصريحات سيمون لم تمرّ مرور الكرام، بل اعتبرها الجمهور والنقّاد شهادة تقدير من فنانة لا تمنح كلماتها بسهولة، ولا تُجامل على حساب فنّها، مما زاد من بريق الموقف، ورفع من القيمة الرمزية لتلك اللحظة التي اجتمع فيها صوت الماضي مع طاقة الحاضر. فحين تُشيد سيمون، المعروفة بذوقها الرفيع وتمسّكها بالخط الفني الراقي، بفنانة مثل جنات، فإن ذلك لا يكون مجاملة ولا استعراضًا إعلاميًا، بل شهادة ناصعة تُكتب في أرشيف الطرب الأصيل.


جنات من جهتها لم تُخيب الظن، فقدمت الأغنية بحالة وجدانية عالية، تجسّدت في نظرة عينيها، ونبرة صوتها، وانسياب النغم بين شفتيها، وكأنها لا تغنّي فقط، بل تعيش الكلمات وتتنفّسها، وتحكي بها قصة حبّ نضجت مع الوقت، وكبرت مع الأيام، وتحمل بين سطورها دفء المرأة الناضجة التي ما زالت تؤمن أن الحب يبدأ بنظرة... وابتسامة.


الجمهور من ناحيته لم يتأخر في التعبير عن إعجابه، فقد اشتعلت صفحات السوشيال ميديا بتعليقات الحبّ والفخر، وأعادت منصات الفيديو نشر المقطع ملايين المرات، وسط حالة من الانبهار والإعجاب بروعة الأداء وصفاء الصوت، وعمق اللحظة التي بدت كأنها وُلدت من رحم الذكرى، وارتدت ثوبًا جديدًا من الأناقة الفنية والعاطفية.


الإعلامية منى الشاذلي، كعادتها، كانت السباقة في التقاط التفاصيل النادرة وصناعة اللحظات الإنسانية المؤثرة، فقدّمت جنات بتقديرٍ كبير، وجعلت من الأغنية لحظة تكريم مزدوجة: لسيمون التي أسّست للأغنية بحضورها وصدقها، ولجنات التي حملت الشعلة وأكملت المسار بكل احترام واحتراف، وكأن الحلقة كانت رسالة حبّ متبادلة بين جيلين، وبين فنّ لا يموت وجمهور لا ينسى.


ولعلّ ما يُحسب لهذا المشهد الفني النقي، هو أنّه أعاد تسليط الضوء على أهمية إعادة إحياء الأعمال الخالدة من خلال أصوات تستحقها فعلًا، فليس كل من أعاد غناء القديم يُجيده، وليس كل من أراد تكريم الكبار نجح في ذلك، لكن جنات فعلت، بل فعلت أكثر من ذلك، فأضافت إلى الأغنية بُعدًا جديدًا يجعلنا نراها كما لو كانت كُتبت بالأمس، ولُحّنت اليوم، وتُغنّى لغدٍ لم يأتِ بعد.


ووسط كل هذا الزخم، وقفت سيمون، بعفويتها المعهودة ونُبلها المعروف، تُشجّع من صادقت على موهبتها، وتُكرّم من كرّمت فنها، وتُثبت من جديد أن الفنان الحقيقي لا يخاف من مقارنة، ولا يهاب إعادة، بل يفرح حين يرى أعماله تتجدّد على أيدي فنانين يعرفون معنى الاحترام، ويُدركون أن الأغنية ليست مجرد لحن، بل مسؤولية، وتاريخ، وإرث ينبغي أن يُحمل كما تحمل الأمانات.


في الختام، لم تكن لحظة غناء "مش نظرة وابتسامة" مجرّد مرور تلفزيوني عابر، بل كانت حدثًا فنيًا بامتياز، جمع بين الحنين والأصالة والتقدير والتجديد، بين صوتٍ بدأ الرحلة وصوتٍ يُكملها، بين سيمون وجنات، بين الفن والخلود. وقد أثبتت هذه اللحظة أن الأغنية الحقيقية لا تشيخ، وأن النجمة الكبيرة حين تُشيد... فهي تُطلق شرارة ضوء جديدة، تزيد الأغنية تألقًا، وتمنح الفنّ عمرًا آخر.

تعليقات