هنا نابل ✍️ بقلم المعز غني
على صفيحٍ ساخن تمشي قافلة الصمود…
بين الحلم والواقع ، بين الغضب والعقل ، بين النبض العربي الجريح والمخاوف السيادية المشروعة لدول تحاصرها النيران من كل الجهات.
خرجت القافلة من رحم الأمل … من ضمير الشعوب لا من أجندات الأحزاب … قادها الشوق إلى غزة ، لا سلاح في يدها ، بل حقائب محملة بالحب ، وقلوب نابضة بالكرامة ، وأرواح تتوق إلى أن تكون جسرًا للحرية في وجه الحصار.
لكن الطريق لم يكن معبّدًا بالتصفيق ولا مفرشًا بالترحاب … بل حاصرته التعقيدات السياسية ، وتقاطعت فيه الحسابات الإقليمية والخوف السيادي المشروع.
وصلت الرسالة … نعم وصلت.
لقد صدحت القافلة باسم غزة في شوارع تونس والجزائر وليبيا … نقلت معها وجع الشعوب ، وأحيت فينا ما تبقى من ضمير حيّ.
وها هي اليوم ، تقف عند مفترق طرق …
هل تستمر وتُكابر؟
أم تنحني للعقل وتكتفي بما حققته من رمزية تظل محفورة في ذاكرة الأمة؟
إنّ الانتصار الحقيقي ليس في إقتحام الحدود ، بل في أن نكون حكماء وقت الغضب ، عقلاء في زمن الفوضى … فمصر ، أمّ الدنيا ليست بوابة سهلة ، وليست دولة عادية … هي القلب العربي الذي إن أصيب ، نزف الجميع.
نُدرك حجم المعاناة في غزة ، ونُدرك أكثر أن مصر اليوم محاطة بجبهات مشتعلة : ليبيا من الغرب ، السودان من الجنوب ، فلسطين المحتلة من الشرق ، البحر الذي لم يعد آمنًا من الشمال …
أليس من الحكمة أن نُجنّبها مزيدًا من الاستنزاف؟
أليس من المسؤولية أن نحفظ خط الرجعة؟ أن نعود من حيث أتينا مرفوعي الرأس ، قبل أن نُجبر على الرحيل مطأطئي الجبين؟
نعم ، لقد أضعفت القافلة السياسة ، وأرهقتها الأيديولوجيا … لكنها لم تفقد معناها.
لقد أيقظت الغيرة ، وذكّرتنا أن غزة ليست وحدها … أن الشعوب ما زالت تملك روح التضامن ، وإن خذلتها الحكومات.
فلتعد القافلة … لا منكسرة ، بل مكلّلة بشرف المحاولة.
فلتعد سالمة ، قبل أن تفترسها عواصف الشرق الملتهب.
ليس كل تراجع هزيمة ، أحيانًا التراجع إنتصار أخلاقي وإنقاذ للعقل من الغرق في بحر العواطف المتلاطمة.
أتركوا مصر في حالها … فقد دفعنا ثمن تهورنا سابقًا غاليًا.
العراق ضاع ، وسوريا تباع ، واليمن يتناثر ، والسودان يتفسخ، وليبيا تتفتت…والآن إيران الجريحة تنزف
فهل نُضيف مصر إلى القائمة؟
كلا ، لن نفعل ...
القافلة إنتصرت لأنها أحيَت صوت الإنسان ، لا لأنها أخترقت الحدود.
وعلينا الآن أن نُحافظ على هذا النصر ، لا أن نحرقه بالمكابرة.
العودة في هذا التوقيت … ليست هروبًا ، بل قمة في المسؤولية.
فلتُرفع الرايات ، ولتُدوّن الكلمة الأخيرة …
قافلة الصمود … وصلت. ✔️
قافلة الصمود … إنتصرت. 🕊️
قافلة الصمود … يجب أن تعود. 🔚
------
تعليقات
إرسال تعليق