القائمة الرئيسية

الصفحات

"الوهم الأمريكي: بين حروب فاشلة ومغامرات مكلفة.. هل تتعظ واشنطن من دروس الماضي؟"



كتبت : نداء حرب


في لحظة تاريخية تشهد تحولات جيوسياسية عميقة، تطل واشنطن مرة أخرى بتهديدات عسكرية تجاه إيران، وكأنها لم تستوعب بعد دروس حروبها الكارثية في الشرق الأوسط، يُعيد "محور المقاومة" تسليط الضوء على هذه التهديدات، ليس كتعبير عن الخوف، بل كفرصة لكشف التناقضات الأمريكية بين خطاب التفوق العسكري وواقع الإخفاقات المُكلفة.

 فهل تُكرر الإدارة الأمريكية أخطاء الماضي، أم أن شبح الهزائم السابقة سيجبرها على التراجع؟


 الهجوم على إيران: وَهْمُ الفِعلَة وواقع التكاليف

 

تُروج الآلة الإعلامية الغربية لسردية تفوق القوة العسكرية الأمريكية كحلٍّ سحري لأي أزمة، لكن الواقع يُثبت أن ضرب إيران الدولة ذات البُنية العسكرية المُعقدة والتحالفات الإقليمية ليس سوى مغامرة مجنونة، فإيران ليست أفغانستان أو العراق؛ فهي تمتلك منظومة دفاعية متكاملة، وقدرات صاروخية بعيدة المدى، وشبكة تحالفات تمتد من أنصار الله في اليمن إلى حزب الله في لبنان، أي هجوم أمريكي لن يُضعف "المحور"، بل سيُشعل حرباً مُتعددة الجبهات، تُحوّل المنطقة إلى برميل بارود، وتُرهق الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني أصلاً من تبعات التضخم والديون.  


هل تعلم واشنطن أن حرباً واحدة مع إيران قد تكلفها "أكثر من تريليون دولار" في عامها الأول، وفق تقديرات مركز "ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"؟ وهل تدرك أن إسقاط طائرة أمريكية واحدة بصاروخ إيراني بـ"20 ألف دولار" سيكون صفقة خاسرة في حساباتها العسكرية المادية؟!


خاصة أن شبح الحروب العقيمة من فيتنام إلى أفغانستان.. سجل أمريكي مُلطخ بالفشل فلا يُصدق عاقل أن واشنطن قادرة على تحقيق نصرٍ في المنطقة، بعد أن ورطت نفسها لعقود في مستنقعات دماء بلا طائل، فمن فيتنام حيث هُزمت أمام إرادة شعب أعزل إلى أفغانستان التي خرجت منها مُذلة بعد 20 عاماً وصولاً إلى العراق، الذي تحوّل إلى قاعدة لـ"المقاومة" بدلاً من أن يكون "نموذجاً ديمقراطياً"، حتى الرئيس السابق دونالد ترامب وصف غزو العراق بأنه "أسوأ قرار في تاريخ أمريكا"، مُعترفاً بفشل النخبة السياسية والعسكرية في قراءة تعقيدات المنطقة.  


اليوم، تُحاول واشنطن تصدير نفس السيناريو بإيران، لكن دماء جنودها الذين سقطوا في العراق وأفغانستان ما زالت تُنادي: "كفى حروباً! فلماذا لا تتعلم من التاريخ؟


وبالنظر إلى ماستجنيه من تكاليف جيوسياسية عندما تُصبح "القوة العظمى" سجينة غرورها فليست التكاليف المادية وحدها ما يُهدد واشنطن، بل فقدان المصداقية الدولية،لأن العالم لم يعد يستسلم للهيمنة الأحادية، والشواهد كثيرة منها: فشل العقوبات على إيران، وتصاعد النفوذ الروسي-الصيني، وانكشاف "الشرعية الأخلاقية" للغرب بعد دعمه لإبادة غزة، أي حرب جديدة ستُعمق عزلة أمريكا، وتُسرع بانهيار نظامها الاقتصادي القائم على الدولار، خاصة مع تزايد التحركات الدولية لتجاوزه.  


أما على الأرض، فـ"محور المقاومة" لن يكون طرفاً ضعيفاً: قدرات إيران التكنولوجية في مجال الطائرات المسيرة، وتجربة حزب الله في حرب التحرير، وصواريخ انصار الله في اليمن، كلها أدوات تُحول أي مواجهة إلى كابوسٍ أمريكي طويل الأمد.


وأخيراً الدرس الذي ترفض واشنطن تعلمه هو أن القوة العسكرية وحدها لا تصنع تاريخاًلأن "محور المقاومة"، برغم كل التحديات، يُثبت يومياً أن إرادة الشعوب أقوى من أعتى الجيوش، إذا كانت أمريكا تريد تجنب كارثة جديدة، فالحل ليس في التصعيد، بل في الاعتراف بحدود قوتها، واحترام سيادة الدول، أما إن أصرت على المغامرة، فستدفع الثمن كما دفعته من قبل من دماء شبابها، واقتصادها، ومكانتها العالمية.

 ويبقى السؤال الآن: هل ستكرر واشنطن الخطأ، أم أن كابوس الماضي سيكون كافياً لردعها؟


بقلم نداء حرب

تعليقات