بقلم / مي محمد عبدالرحمن
كانت الشمس تغيب بخجل خلف الأبنية الشاهقة ملونة السماء بألوان باهتة كأنها تشاطرني حزني جلست علي شرفة غرفتي أنظر إلي المدينة التي كانت تبدو لي غريبة وباردة لم أعد أري فيها شيئاً من البهجة التي كنت أراها من قبل وصلتني رسالة في ذلك اليوم المشؤوم رسالة قصيرة تحمل خبر هزني إلي الأعماق كادت الكلمات تقتلني لم أصدق . رفضت تصديقها وأتساءل كيف رحل هكذا فجأه؟ تذكرت آخر لقاء لنا كان قبل أسبوع فقط جلسنا معا نتناول العشاء وكان يمزح كما يفعل دائماً لم أشعر بأي نذير شؤم لم أتوقع أن تلك ستكون اخر مره أراه فيها وكيف سأتعامل وكيف ستكون حياتي بدونه وأتساءل واقول هل سيكون عائلتي مثله هل سيعاملومي نفس معاملته وحنينه ودلاله.
بقلم: مي محمد
الفصل الأول بعنوان**الفقدان وتأثيره النفسي والعاطفي**
نعم فقدت والدى وبعد رحيله صرت اسمع الكثير عن قصص رحيل الآباء وعلاقتهم مع عائلاتهم الان أجد نفسي متآرجحه علي خشبه بين امواج من التساؤلات اتمرجح بين صوره والدي الجميله وبين ما آري من صور لرجال آخرين اسمحوا لي أن احدثكم عن أبي عن النموذج الذي أتمناه في حياه كل عائله عن الرجل الذي نفتقده في هذه الأيام مع كل قصه نسمعها كم تمنيت أن يكون والدي هو والد كل فتاه تتلطي عائلتها تحت ما يسمي الشرف كي يدافع عنها ويحميها من شر التقاليد التي تسيطر علي مجتمعنا كيف لا وانا لا زلت اسمعه يعاتب اختي حيث بكت لأن أحدهم عايرها بملابسها فكان جوابه الوحيد المشاكل فيك وليست بثيابي ابي ربما هو النموذج المثالي لكل اب تتمناه فتاه هو الرجل الذي حاول جاهداً أن يخرج من علبه الرجل الشرقي الذي يتحكم بعائلته كان أبي يلعب دوره في حكايتنا من ذكوريه المجتمع كان هو أول من علمني ان اكون انا وان اصنع نفسي اولا والا أقبل أن أكون في المرتبه الثانيه كان ذاك النموذج الذي يحتذي به فكان بري أن أسس التربيه في العائله تكمن في المساواه بين المجتمع ربما لم أكن محظوظه مثل البقيه ولم اعش معه أياما كثيره وربما فاته الكتير من مراحل حياتنا ولكن له الفضل بكل ما نحن عليه هو من اعطاني حريتي لكي اختار ما أريد لم يفرض العادات والتقاليد علينا.
**كيف يختلف فقدان الاب عن أي فقدان اخر**
في البدايه شعرت بالفراغ ربما لم أبك كنت أري الحياه تنهار بأشكال مختلفه أري نفسي في محرقه جثث تنبعث منها رائحه الموت والحزن لم أكن مستعده لتلك اللحظه رغم أنه كان يصارع الموت أخبرني الجميع أن الأسابيع القليلة الأولي ستكون الاصعب اليوم بعد ثلاث سنوات من الرحيل يمكنني أن أجزم أنه منذ اليوم الأول لرحيل وحتي هذه اللحظه لم يتغير حجم الوجع اصبح لدي الان ما اسميه لحظاتي الجامعه عندما أري أصدقاءه يرقصون في حفلات زفاف بناتهن عندما اشم رائحه عطره علي أحد الماره عندما يسألني أحدهم لماذا قررت العمل في هذا المجال الإنساني تلك اللحظات كلها تذكرني اني فقدت الجبل الذي كنت استند عليه أكثر ما أحاول احفاءه هي حسرتي علي فقدانه لكن ملامح وجهي تفضحني في كل مره اذكر اسمه ربما حسرتي تأكلني لاني علي يقين أنه منذ رحيله لن يكون هناك شئ كما كان علي الاطلاق ولكن في كل مره سأستجمع قولي لأن اهم ما كان يريده هو إلا اغرق في دوامه الظلام والحزن وحتي اخر لحظات حياته طلب مني واخواتي أن نتمسك بالسعاده في تفاصيل حيواتنا الصغيره وكيف لذاك القلب أن يمتلك كل تلك الطاقه من الحب كيف لرجل يعلم أنه يعيش اخر لحظات حياته وكل ما يفعله أن يذكرنا بالسعاده قد يتساءل البعض ما الفرق الذي قد يحدثه صوت رجل لم يكن ذو اثر في حياتنا مثلما افعل هنا وتحكي عن والدي حتي نتمسك بصوته بعد مماته صدقوني أنه يعني الكثير الكثير حقا فعلي الرغم من تلك الصوره المألوفه للأب وللأسف باعتباره مستبدا ومتسلطا ألا أن آباء كثرين اليوم باتو يقتربون أكثر من بناتهن خصوصاً لدي جيل الشباب حيث أنهم يعلمون أن الأبوه لا تعني التسلط وفرض القوانين بالقوه وان دورهم لا يقتصر فقط علي توفير الاحتياجات الماديه فيعودون الي قواء الابوه السليمه لكن الحقيقه الموجوده أن ليس جميع الآباء هم كما تتمني بناتهم هناك من حاول أن يلبس دور الأب النمطي ذاك الذي يختصر دوره فقط في تأمين حاجات الاسره والذي يخجل أن يعطي أولاده في حياه بناته فتمنين رحيله أو عدم الحديث عنه علهن ينسين الاسي الذي سببه وجوده الخساره شئ مؤلم فكيف لنا أن نشرح خساره الاب حتي اللواتي عشن تجارب أليمه مع آبائهن منهن من فضلت وجوده مع كل قساوته رغم غيابه ولهذا تفسيرات عديده اجتماعيه ونفسيه أيضاً أخبرتني حنان إنها تتخيل والدها بكل مواقف حياتها وتتمني لو يعود بها الزمن لكي تعيش معه تلك الأوقات التي نلتمس فيه الحنان والحب منه رغم أنها لم نتخط المرات القليله فأصبحت الان تتخيل حياته مع الشريك الذي اختارته أن يكون أبا لبناتها كحياه مع والدها هي التي بحثت عن رجل لديه ملامح تشبه والدها الان مع مرور الوقت لو كان والدها موجوداً لاخبرته انه لم ينقصها شئ سوي المزيد من العاطفه وهذا ما ستعمله لزوجها كي تبقي ذكرياته ترافق يوميات بناتها وبالعوده الي ابي فقد مرت ثلاث سنوات علي وفاته يشبه الحزن التجوال في حقل ألغام مهما تدوس بعنايه فقد يحدث تفجير مفاجئ يأتي من العدم يمكن أن يكون الحزن هو تلك القوه الشريره التي تأكل اجزاء منك هو ذاك الجرد الصغيره الذي يدخل ألي اعماقك وينعش بعض التجارب تجعلنا اقوي يمكن أن تجعلنا أكثر لطفا وأكثر تقديراً للحياه بعض التجارب تجعلنا نندهش من قوتنا تدهشنا اننا استطعنا الاستمرار رغم كل الالم والوجع وهذا شئ يجعل اولئك الذين رحلوا يشعرون بالفخر بدأت أري في كل مكان في صوره التي تزين جدران المنزل في الأشياء التي كان يحبها حتي رائحه طعامه المفضل كنت اتمني لو استطيع العوده بالزمن إلي الوراء ولو للحظه واحده لأخبره كم أحبه .
وإلي اللقاء في الفصل الثاني بعنوان
( التغيرات في نظرتنا للحياه بعد الفقد )
تعليقات
إرسال تعليق