القائمة الرئيسية

الصفحات

الجولاني أداة في لعبة المصالح الدولية



بقلم : على فتحى 

عندما يظهر أبو محمد الجولاني نائب البغدادي السابق وقائد ما يسمى بالجماعات المسلحة المدعومة من تركيا ليوجه رسالة إلى أهل حماة بعد الاستيلاء عليها من نظام الأسد فإن هذه الرسالة ليست سوى محاولة يائسة لإضفاء شرعية زائفة على مشروعه التخريبي الذي لا يمت بأي صلة إلى تطلعات الشعب السوري فالجولاني الذي خرج من عباءة داعش وحاول تجميل صورته عبر تغيير الشعارات والرايات ما زال يمارس ذات النهج المدمر الذي جعل من سوريا أرضًا خصبة للتدخلات الدولية وساحة للدمار والمآسي التي لا تنتهي ، بل يدعي أنه جاء لتحرير أهل حماة ولكن الواقع يؤكد أن ما فعله خلال السنوات الماضية هو استبدال الخراب الذي خلفه نظام الأسد بخراب أشد وأقسى فقد حوّل مناطق كاملة إلى ميادين للحرب والتدمير وشرد آلاف العائلات ودمر بنيتهم الاجتماعية والاقتصادية ما قدمه هو وغيره من قادة هذه الجماعات المسلحة لا يعدو كونه وعودا زائفة وشعارات خالية من أي مضمون حقيقي تهدف فقط لاستغلال آلام الناس من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية وتنفيذ أجندات من يدعمهم.

فالجولاني وغيره من القادة الذين يدّعون العمل باسم الدين باتوا يستخدمون خطابا دينيا مزيفا لتبرير أفعالهم الدموية هذا الخطاب يزيف الحقائق ويستغل معاناة الناس وغضبهم من القمع ليبرر المزيد من الظلم والقتل باسم الدين لكن الحقيقة أن الدين بريء من كل ذلك بريء من أياد تلطخت بدماء الأبرياء بريء من استغلال الخوف والجهل لإحكام السيطرة على الناس وبريء من الفتن التي زرعها هؤلاء بين أبناء الوطن الواحد.

من يتحدث عن تحرير أهل حماة عليه أن يوضح ماذا يعني التحرير الذي يدعيه هل يعني استبدال مستبد بآخر هل يعني أن يحل نظام قمعي آخر مكان النظام السابق وهل يعني أن يتم تهجير أهالي المدينة وقمع من يعارض هذا النهج طوال سنوات الحرب السورية عانى الشعب السوري من قمع النظام وديكتاتوريته ولكن لم يكن القمع الذي جاء بعده إلا صورة مكررة تحت مسميات مختلفة الشعب السوري الذي خرج يطالب بالحرية لن يقبل أن يُستعبد مجددا سواء من قبل نظام مستبد أو جماعة متطرفة تدعي الحديث باسم الدين أو أي قوة أجنبية تسعى لتحقيق مصالحها.

الجولاني ليس سوى أداة بيد داعميه الذين يسعون للهيمنة على الشمال السوري وتحقيق مصالحهم الإقليمية والداعم الرئيسي هنا واضح تماما فتركيا استخدمت الجولاني وجماعته كورقة ضغط ووسيلة لإحكام سيطرتها على مناطق معينة من سوريا بهدف تعزيز نفوذها الإقليمي وإبعاد أي تهديدات لحدودها لكن الحقيقة أن ما يحدث ليس في مصلحة السوريين ولا يخدم تطلعاتهم للحرية والاستقلال الشعب السوري بات يدرك أن ما يطلق عليه تحرير ما هو إلا احتلال جديد بوجه مختلف.

رسالة إلى الجولاني وغيره من القادة الذين يدّعون تحرير سوريا رسائلكم ومحاولاتكم لتبرير أفعالكم باتت مكشوفة ولن تُقنع أحدا الشعب السوري الذي عانى من القمع والاستبداد لعقود لن يرضى أن يعيش تحت حكم جماعات متطرفة تتلاعب باسمه وتدعي تمثيله بينما أهدافها لا تتعدى مصالحها الضيقة.

الشعب السوري يستحق أكثر من هذه الألاعيب يستحق حرية حقيقية تبنى على العدالة والمساواة والكرامة وليس على الخراب والدمار الذي زرعته هذه الجماعات المسلحة ما تفعله هذه القوى التي تدعي التحرير لا يزيد الوضع إلا تعقيدا ويطيل أمد الأزمة ويعمق الجراح التي أصابت سوريا وشعبها

إن تحرير سوريا لن يكون على يد المستبدين مهما كانت شعاراتهم ولا على يد الجماعات المسلحة التي باعت نفسها لمصالح القوى الإقليمية التحرير الحقيقي يبدأ من وعي الشعب السوري بحقوقه ومن قدرته على التخلص من كل القوى التي تحاول استغلاله سواء كانت أنظمة قمعية أو جماعات متطرفة أو قوى أجنبية تبحث عن مصالحها.

تعليقات