القائمة الرئيسية

الصفحات

وجع واحد في قلب أمة واحدة

 


بقلم/نشأت البسيوني 


في لحظات الألم الكبرى تسقط كل المسافات وتختفي الحدود وتصبح القلوب أقرب من الجغرافيا ويصبح الحزن لغة مشتركة لا تحتاج ترجمة ما حدث في مدينة آسفي ليس خبرا عابرا ولا رقما يمر في شريط الأخبار بل فاجعة إنسانية هزت القلوب قبل أن تهز الأرض وكسرت سكون البيوت قبل أن تجرف المياه الشوارع

حين تضرب الكوارث لا تختار ضحاياها ولا تفرق بين صغير وكبير 


ولا تمنح فرصة للاستعداد الكامل تأتي فجأة وتترك خلفها صمتا ثقيلا وقلوبا مفجوعة وأسر فقدت أعزاءها في لحظة لا يمكن للعقل أن يستوعبها بسهولة الفيضانات التي اجتاحت آسفي لم تسرق أرواحا فقط بل سرقت طمأنينة مدينة كاملة وتركت الوجع معلقا في الهوا أمام هذا المشهد المؤلم يقف الإنسان عاجزا إلا من الدعاء والدعم الصادق فالفقد واحد مهما اختلفت الأسماء والدمعة واحدة 


مهما تنوعت اللهجات والمغربي اليوم لا يبكي وحده بل تبكي معه قلوب كثيرة تعرف معنى أن تفقد فجأة دون وداع ودون استعداد

الشعب المغربي الشقيق شعب عرف بالصبر والقوة والتكاتف وها هو اليوم يواجه اختبارا جديدا في مواجهة الألم لكنه ألم لا يكسره بل يزيده تماسكا لأن المحن تكشف دائما عن معدن الشعوب الحقيقي وتظهر كيف تتحول المعاناة إلى تضامن وكيف يصبح الحزن جسرا 


للمحبة لا سببا للانكسار في مثل هذه اللحظات لا تكون الكلمات كافية لكن الصدق يمنحها بعض القيمة حين نقول إن قلوبنا مع أسر الضحايا ومع كل من فقد عزيزا ومع كل بيت غاب عنه صوت لن يعود ومع كل أم فقدت ابنا ومع كل أب ودع قطعة من روحه ومع كل طفل استيقظ على غياب لا يفهمه الكارثة لا تخص مكانا بعينه بل تمس الإنسانية كلها لأنها تذكرنا بضعفنا أمام الطبيعة وبحاجتنا 


الدائمة لبعضنا البعض وبأن التضامن ليس موقفا موسميا بل واجب أخلاقي وإنساني وأن الوقوف مع الأشقاء وقت الشدة هو المعنى الحقيقي للأخوة ما يخفف الألم ولو قليلا هو ذلك التكاتف الشعبي والرسمي وتلك الروح الجماعية التي تظهر وقت الأزمات حيث تتحول المدن إلى عائلة واحدة ويتحول الغرباء إلى سند ويتقدم الإنسان لإنقاذ أخيه الإنسان دون انتظار مقابل أو شكر رحم الله من 


فقدوا أرواحهم رحمة واسعة وألهم ذويهم الصبر والسلوان وربط على قلوبهم وجعل ما أصابهم رفعة لهم وخفف عن المصابين ونجى المفقودين وكتب السلامة لكل من يواجه هذه الظروف الصعبة

سيبقى هذا الجرح في الذاكرة لكنه سيحمل معه درسا عميقا عن قيمة الحياة وعن هشاشتها وعن قوة التكاتف الإنساني وقت المحن وسيبقى المغرب في قلوبنا لا كخبر حزين بل كشعب شقيق نقف 


معه بالدعاء والدعم والمشاعر الصادقة في النهاية قد تعجز الكلمات عن مواساة بحجم هذا الألم لكن القلوب الصادقة لا تعجز عن الوقوف بجانب من يمرون بالمحنة ومع الشعب المغربي الشقيق اليوم نقول إن الحزن واحد والدعاء واحد والوجع واحد وأن ما يجمعنا أكبر من أي مساف

ة وأقوى من أي محنة

تعليقات