التوفيق ليس شيئًا يُقتنى، ولا حالةً تُصطنع، ولا مظهرًا يُرتدى حين نشاء.
التوفيق غيثٌ من السماء، لا يُستدرج بالحيلة، بل يُستَمطر حين يخشع القلب، ويصدق الرجاء، وتصفو النية.
هو نفحةٌ ربانية، لا تُمنح لمن يطلبها بلسانه فقط، بل لمن يطلبها بروحه، ويزرع في أرض الدعاء بذور الثقة بالله، ثم بالناس.
وإن أذن الله بهطوله على حياتك، فلن تعرف للشقاء بابًا، ولا للحيرة طريقًا.
هو سرٌّ لا يُمنح بكثرة السعي وحده، بل يُهدى لمن أخلص النية، ورفع كفّيه بالدعاء، وملأ قلبه بحسن الظن، لا بالظن السيئ، ولا بالشكوك التي تفسد النور.
كم من ساعٍ لم يُوفّق، وكم من ساكنٍ في ركن الدعاء نال ما لم يخطر له على بال.
حين تتأمل تفاصيل الحياة، تدرك أن المسألة ليست ذكاءً ولا اجتهادًا فقط، بل هي مسألة توفيق.
أن تُفتح لك الأبواب في الوقت المناسب، أن تُلهم الكلمة في لحظة صمت، أن يُساق إليك الخير من حيث لا تحتسب.
انظر إلى الذكر، أبسط الطاعات، وأيسرها على اللسان، ومع ذلك لا يُوفّق له إلا القليل.
فالتوفيق ليس في القدرة، بل في الإذن الإلهي، في أن يُنبت الله في قلبك رغبة الطاعة، ويُسقيها بنور القبول.
فلا تغترّ بكثرة الحيل، ولا تيأس من قلة النتائج، بل اسأل الله التوفيق، في كل خطوة، وكل نية، وكل حرف تكتبه.
فإن وُفّقت، فاحمد، وإن تأخّر التوفيق، فاستبشر، فربّما يُخبّئ الله لك ما هو أعظم من كل ما سعيت إليه.
التوفيق... هو أن تُضيء لك الحياة دون أن تشعل شمعة،
أن تُفتح لك الأبواب دون أن تطرقها،
أن تُكتب لك البركة في القليل، فيُغنيك عن الكثير.
بقلم الأستاذة خديجة آلاء شريف
الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق