القائمة الرئيسية

الصفحات

العمر الذي لا نعود منه

هناك عمر لا نخرج منه كما دخلناه…
عمر لا يكتفي بأن يجعلنا نكبر،
بل يأخذ منّا شيئًا لا يُعوَّض.

هو ليس رقمًا، ولا يوم ميلاد نطفئ فيه شمعة…
بل تلك اللحظة التي تنظر فيها إلى المرآة،
فتشعر أن من يحدّق فيك ليس أنت…
بل "نسخة صامتة" منك، مرت عليها الحياة كريح باردة.

هو العمر الذي تُصبح فيه الأشياء باهتة…
الفرح لا يطير بك، والحزن لا يسقطك،
تضحك دون أن تُسمِع قلبك،
وتبكي دون أن تبلّل وجنتك.

العمر الذي تبدأ فيه بالاختباء في التفاصيل الصغيرة،
لأنك سئمت من الشرح، من التبرير، من سؤال: "ما بك؟"
ولا طاقة لك بأن تشرح أنك لا تعرف تحديدًا… ما بك.

إنه العمر الذي تتوقّف فيه عن الانتظار،
لا تنتظر الفرح… ولا الاعتذار،
ولا أن يفهمك أحد.

هو العمر الذي تمشي فيه بين الناس،
وتشعر أنك أبعد ما تكون عن نفسك.

لا أحد يخبرك أنك تغيّرت…
لكن شيئًا فيك يعلم أنك لم تعد كما كنت.

ليس الاكتئاب ما يؤلمك،
بل تلك الحالة الرمادية التي لا اسم لها…
لا تؤلم بشراسة، ولا تتركك بسلام.

إنه العمر الذي تفهم فيه كل شيء…
لكن لا تعود ترغب في أي شيء.

لا أحد يعلن أنك وصلت…
لكن كل شيء فيك يهمس:
"لقد وصلت إلى العمر الذي لا نعود منه."

الكاتب  إدريس أبورزق

تعليقات