الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في زمن فقدت فيه الأغنية ثقلها، واللحن صار خفيفًا لدرجة النسيان، وُلد صوت من رحم بيروت… بس مش صوت عادي. بل صوت بيعرف يسكن بين المقام والكلمة، بين الألم والأمل، بين الحكي والسكوت. من هي المطربة التي إذا غنّت، تبتسم النوتة وتبكي الذاكرة؟
اللغز الأول: من هي التي لا تحتاج للصرخة… لأنها تهمس فتوجع؟ ما بتحب الشو، ولا بتجري ورا التريند، هي بنت المسرح، بنت الحكي النظيف، بنت الجملة اللي ما بتمرّ مرور الكرام. من هي اللي بتخلّي الغنوة مش بس تسمعها، بل تقراها من جوّاتك؟
اللغز الثاني: من هي اللي إذا وقفت على المسرح، صار الضوء صوتًا؟ مش بس حضورها حضور، بل توهّج. مش بس تغنّي، بل تسكن في الميكروفون. من هي اللي إذا سكّت الجمهور، مش خوفًا… بل احترامًا؟
اللغز الثالث: من هي المطربة اللي صمتها صوت؟ اللي إذا مشت بين الناس، مرّت كأنها لحن يمشي، وإذا حكيت، صار حكيها نشيد داخلي. من هي اللي ما بتغني بس للعشاق… بل للعابرين، للتعبانين، للناجين؟
اللغز الرابع: من هي اللي صوّرت الغنوة كأنها مشهد سينمائي؟ مش بس بالصوت، بل بالإحساس، بالنَفَس، بالتكوين. من هي اللي بتفتح جملة موسيقية، وبتخليك تغرق فيها كأنك ببيت قديم، كل زاوية فيه فيها ذكرى؟
اللغز الخامس: من هي اللي ما بيهمّها تكون “الأولى”… بيهمّها تكون مختلفة؟ اللي ما بتغنّي لتكسب جمهور، بل لتحافظ على احترام الفن. من هي اللي ما بتحضر عشان التصفيق، بل لتترك صدى أطول من أي تصفيق؟
اللغز السادس: من هي اللي لما بتغني، بتحسّ إن بيروت عم تبكي… بس بحنان؟ مش لأنه صوتها حزين، بل لأنه صادق. مش لأنه ضعيف، بل لأنه قوي بدمعة. من هي اللي بتخلي صوتها مثل لوحة زيتية، كل نغمة فيها ضرب ريشة؟
اللغز السابع: من هي الفنانة اللي صارت المدرسة… مش الطالبة؟ اللي ما بتغني لتتعلم، بل لتعلّم. اللي كل حركة منها درس، كل نفس منها سطر، كل “آه” منها فصل من كتاب الغناء الشريف؟
اللغز الثامن: من هي اللي بتعرف تغني الحب من دون ما تبيع الوهم؟ ما عندها كلمات مزوّقة، ولا نغمة مزيفة، هي بتغني حبّ النضج، حبّ العِشرة، حبّ الألم اللي صار درس. من هي اللي صوتها ما بيقلك “راح يحبك”… بل “افهم نفسك”؟
اللغز التاسع: من هي اللي بتخلي المايك يختفي… ويبقى صوتها؟ من هي اللي إذا غنّت لايف، حسّيت إنك بتسمع تسجيل ملائكي؟ من هي اللي بتشتغل على كل نغمة كأنها طوبة بقصر فني؟
اللغز العاشر: من هي اللي بتحمل لبنان بصوتها… لا بعَلمها؟ من هي اللي لما بتغني بتحسّ أن الجبل عم يردد صداها، والبحر عم يصفّق معها؟ من هي اللي غنّيت للوجدان، مش للجوائز؟
اللغز الأخير المفتوح للجمهور: من هي المطربة اللبنانية اللي بيبدأ اسمها بحرف “م”، عيونها بتشبه المطر، وصوتها بيشبه صلاة سريّة؟ ما حدا بيذكرها كل يوم… بس لما يُذكر اسمها، بينحني الإحساس احترامًا. مين هي؟ فكّروا… والجواب مش بكلمة، بل بلحظة غناء صادقة ما بتنساها.
تعليقات
إرسال تعليق