على رفٍّ منسيّ في زاوية الغرفة،
تجلس ورقة صفراء…
أطرافها ملتوية كأنّها انحنت من التعب،
لا من الزمن.
كتبها في ليلةٍ باردة
حين لم يكن هناك من يسمع…
وظنّ في تلك اللحظة أن حتى السماء قد أغلقت أبوابها.
أخرج حزنه كمن ينزف بهدوء،
وسكبه بين السطور دون أن يلتفت للورق،
كأنّه يكتب لنفسه… لا لأحد.
كتب دون اسم،
لأنّ الوجع لا يُوقَّع.
ودون تاريخ،
لأنّ الجرح لا يخضع للتقويم.
حدّثها عن موت أمه وهو في الغربة،
عن صمته الطويل بعد غيابها،
عن أخته التي تزوّجت دون أن يعرف،
وحبيبته التي وعدته أن تنتظر… ولم تفعل.
كتب عن الوحدة،
عن الهاتف الذي ظلّ صامتًا لأيام،
وعن الرسائل التي لم يكتبها أحد.
قال:
"أحتاج أن يربّت أحدهم على ظهري دون سبب،
أن يقول لي: أنا أفهمك، حتى لو لم أشرح."
وحين أنهى الكتابة،
لم يُرسلها.
لأنه أدرك…
أن الذين أراد أن يقرأوها
كانوا أبعد من أن يفهموا،
وأقرب من أن يُعذّبهم بما فيه.
فتركها هناك،
كشاهدٍ على لحظةٍ كاد ينهار فيها…
لكنه لم يفعل.
كل صباح يمر بجانبها،
لا يفتحها…
ولا يرميها.
فبعض الرسائل لا تُرسل،
لا لأننا لا نريد…
بل لأننا نعرف يقينًا
أن لا أحد مستعد لقراءتها حقًا
تعليقات
إرسال تعليق