رأيتُ الورى في زمانٍ قبيحْ
يُؤلّهُ من فيهِ نفعٌ صريحْ
يحبّون من كان فيهم عطاءْ
ويُقصون من ظلَّ قلبهُ مريح
إذا كنتَ مرآةَ خبثٍ ونفعٍ
فأنتَ لديهمْ عظيمٌ فصيح
وإن كنتَ طيبًا كريمَ السريرةْ
فأنت الغريبُ، وضوؤك شحيح
وصار الوفاءُ حديثًا يُهانْ
وصوتُ النقاءِ يضيعُ ويشيح
غدا الطهرُ فيهمْ خطيئةَ فكرٍ
وصار الملاكُ مخلوقًا جريح
تقدَّس فيهمْ نفاقٌ دنيءٌ
وصار الخضوعُ نبوغًا مريح
وأسرفَ عصرُ الخداعِ بمدح
لمن كان بالظلمِ فذًّا مليح
وأمسى الجميلُ يُطَارد ظلمًا
ويُنفى النقيُّ، ويُنسى الصحيح
تحجّرت الأرواحُ حتى غدتْ
كصخرٍ تخلّى، وسدّ الطريقْ
يُعابُ الحياءُ ويُمدَحْ جموح
ويُخفى الضياءُ كذنبٍ قبيح
تُهانُ الصفاتُ إذا ما سمتْ
وتُخنقُ روحُ الوفاءِ الصريح
فيا أيّها القلبُ لا تنكسِرْ
فصوتُ الحقيقةِ أقوى فصيح
ولو أن هذا الزمانَ أدارَ
ظهورًا لِمن كان حسنًا مديح
ففيك الثباتُ، وفيهمْ خُداعٌ
وفيك الرجاءُ، وفيهمْ جريح
سنبقى نضيءُ بوجهٍ نقيٍّ
وإن كثرَ الليلُ، نَهتفْ ونَصيح
فهذي الدروبُ وإن ضلّتِ
بنبضِ الصدقِ تعودُ وتَفيح
إذا ما صفوتَ، فأنتَ الحقيقةْ
وهمْ وهمُ طيفٍ كغيمٍ يميح
فلا تحزنِ اليومَ إنْ لم تجدْ
مكانًا يُعانقُ صوتًا صريح
فمن لا يليقُ به النورُ يومًا
سيغرقُ في زيفِ دهرٍ شحيح
تعليقات
إرسال تعليق