يبدو هادئًا…
ذاك النوع من الهدوء الذي لا يملكه إلا من تعلّم أن يخفي الحريق تحت جلده.
يمشي دون استعجال،
يتحدث كمن يخشى أن تتساقط منه الكلمات،
لا يرفع صوته حتى لو داس الألم على صدره،
كأنّه يخاف أن يُوقظ شيئًا لو تحرّك… لن يسكت بعدها.
يقولون عنه: "متزن."
لكنهم لا يرون الحطام في عينيه،
ولا يسمعون الضجيج الذي يصحو معه كل صباح.
في داخله أصوات كثيرة:
أحاديث خُنقت قبل أن تُقال،
خلافات انتهت دون اعتذار،
أحباب غادروا دون وداع،
وأمنيات بقيت معلّقة في منتصف العمر…
فأثقلت كلّ خطوة يخطوها.
ضحكته قصيرة،
كأنها تتعثر في طريقها للخروج.
وصمته طويل،
كأنه حزن مدينة بكاملها بعد انطفاء الأنوار.
تراه أحيانًا أصغر من عمره،
وفي أحيانٍ كثيرة… يبدو كهلاً في ملامحه،
كأن السنوات نامت فوق وجهه ولم تصحُ بعد.
هو لا يشكو،
ليس لأنه لا يتألم،
بل لأنه أدرك متأخرًا
أن العالم لا يسمع إلا من يصرخ،
وهو تعب من الصراخ.
لذلك… اختار الصمت.
وترك الضجيج حيًّا بداخله،
يكبر معه،
ويشاركه وسادته كل ليلة.
تعليقات
إرسال تعليق