صفاء القلب ليس سذاجة، بل قرارٌ واعٍ بأن لا نسمح للظلمة أن تعشش في أرواحنا.
هو أن نختار النقاء رغم الصدمات، وأن نحافظ على وِدّنا حتى في وجه من لا يُحسن الرد.
فالقلب الصافي لا يُولد بالبساطة، بل يُصقل بالتجارب، ويُربّى على ضوء اليقين، لا على ضبابية الخذلان.
وأما التغافل، فليس هروبًا، بل مهارة الراجحين في ضبط انفعالاتهم.
هو علمٌ في ذاته، وفنّ لا يُجيده إلا الحكماء؛ أن ترى وتفهم وتتجاوز، لأنّ صغائر القلوب لا تستحق أن تلوّث صفوك الداخلي.
هو السكون الذي يمنع العاصفة من أن تعصف بك.
وكثرة التسامح؟
ليست ضعفًا كما يظن البعض، بل سموّ لا يبلغه إلا النبلاء.
أن تمنح من أساء إليك فرصة الرحمة، لا لأنه يستحق، بل لأن روحك أثمن من أن تُسجن في قيد الحقد.
المسامح لا يُعيد الزمن، لكنه يُحرر نفسه من سجن الأذى.
أما الصمت،
فليس انطواءً ولا خوفًا، بل امتلاء بالحكمة، وتأمّل لا يقدر عليه إلا من ذاق مرارة الكلام في غير موضعه.
الصمت أحيانًا أبلغ من ألف جملة، وهو لغة الأرواح حين تعجز الكلمات عن التعبير، وهو التأمل، وهو العبادة في حضرة الألم.
نحن لا نحيا لنُرضي، بل لنحيا بصدق.
نُعلي الخلق فوق المنفعة، ونتخذ من التربية سُلّمًا نرتقي به، لا سلاحًا نُهاجم به.
ومن أراد أن يفهمنا، فليغمس روحه في معنى الاحترام، لا في حروف الشك.
تعليقات
إرسال تعليق