القائمة الرئيسية

الصفحات

في قلبه جنازة لا تنتهي

لم يمت أحد مؤخرًا.
لكنه يمشي كأنه عائد من عزاءٍ طويل لم يجد فيه من يعزيه.

يستيقظ كل صباح وهو يرتّب روحه كما يُرتَّب الميت في الكفن. 
لا لأنه سيذهب إلى عمله، بل لأنه سيذهب إلى الحياة من جديد، وهي لا ترحمه.

لا أحد يعرف عدد الوجوه التي دفنها في ذاكرته،
ولا كم مرة ابتسم وهو يجرّ خلف ضلوعه نعش خذلان، وصندوق أسرارٍ لم يفتحه لأحد.

في قلبه جنازة لا تنتهي…
لكنه لا يرفع صوت القرآن، لا يغلق الأبواب، لا يضع سجادًا أسود،
فقط يجلس وحده… ويعدّ الغائبين واحدًا واحدًا.

كلما اقترب منه أحد، ابتسم وقال: "أنا بخير."
وفي داخله: طفل فقد أمه، وصديق فقد قلبه، وعاشق فقد صوته، وإنسان فقد نفسه.

إنه لا يريد أن يعرف أحد كيف يعيش،
لأن أحدًا لن يصدق أن الجنازات لا تكون دائمًا في صناديق خشبية…
أحيانًا تمشي بيننا، وتنام بجوارنا، وتضحك في وجوهنا.

الكاتب إدريس أبورزق

تعليقات