الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
بأرض الأحلام، مطرح ما اللمعة بتغري، والكاميرا بتلاحق كل شي جديد، برز اسم مش عربي وبس، بل شرقيّ الطابع، مصريّ الهوى، وعالميّ التأثير... ياسر نبيل، المخرج يلّي ما اكتفى بالحدود، ما رضي يكون رقم بين الأرقام، ولا وافق يمرق مرور الكرام على ساحة ضخمة متل هوليوود، بل قرر يزرع فيها بصمته، يحفرها حفر، يرسم على شاشاتها صوتو، صورتو، وخيال بيشبه بس إنسان عندو جذور شرقيّة وحلم بيوصل للنجوم وما بيوقف. هوّي مش مخرج تقليدي، هوّي كاتب قدراتو، ومُخرج رؤيتو، وعبقريّ تفكيره، ومش بس هيك... هوّي نقطة التقاء بين حضارتين، بين الشرق الدافئ والغربيّ البارد، بين الأصالة والتكنولوجيا، وخلق من هاللقاء معجزة فنية اسمها ياسر نبيل.
ياسر نبيل مش ابن يوم، ولا ابن صدفة، هوّي ابن السنين يلّي اشتغل فيهن ع حاله، غاص في التفاصيل، نحت شخصيتو مش بالشّهرة السريعة، بل بالخطوة المدروسة، بالكلمة الصح، وبالمشهد يلّي بيخلي كل مشاهد يوقف، يتنفّس، ويفكّر... كيف قدر يخلق هالعمق؟ كيف هالإحساس الطالع من الشاشة بيرجّفك لهالدرجة؟ ببساطة، لأنو ياسر مش بس بيخرج فيلم، هوّي بيخلق واقع موازي، عالم بيتنفس صدق واحتراف، ومشهد بيصير ذاكرة.
بأول خطواته، ما استنى حدا يفتحلو الباب، هوّي كسر الجدار، دخل من أضيق منفذ، وفتح طريقه بين عمالقة السينما متل صاروخ صاعد من أرض النيل لسماء لوس أنجلوس. هوليوود، يلّي دايمًا كانت عنوان الغربة، صارت تحت عدسته مكان بيعرف يسمع الحكاية المصرية، يحسّ بنبض الشارع العربي، ويرقص على إيقاع الحقيقة. ولما اشتغل على أعماله، اشتغل كأنو كل مشهد هوّ فرصة لإعادة كتابة التاريخ، مش بعيون غريبة، بل بعيونو هوّ، بعيون ابن حضارة، مش بس فنان.
الأسلوب يلّي بيتبعه ياسر نبيل فيه نكهة نادرة... نظافة بصرية، صدق داخلي، شدّة درامية مش مبالغ فيها، وكل تفصيلة بتلمع من تحت إيدو متل جوهرة. بيعرف يحاور الصورة، يعرف كيف يحط الممثل بالمكان الصح، والزاوية الصح، ويخلّي الموسيقى تمشي جنب النفس. ما بيرتكب غلط، وما بيترك شي للصدفة، عندو قدرة نادرة على الحكي بالصمت، على البوح بنظرة، على قول ألف كلمة من دون ما يقول ولا حرف.
ياسر نبيل ما عم يلمع بهوليوود بس لأنو عندو موهبة، بل لأنو حامل معه لغة جديدة، حكاية مختلفة، صوت مش مألوف… ومش بس صوتو، بل صوت كل حالم، كل مبدع، كل فنان بيآمن إنو الصورة ممكن تغيّر، ممكن توعّي، وممكن تخلّد. عم يفتح الأبواب لكتير من يلي كانوا يفكروا إنو حلم هوليوود مستحيل. لا، مش مستحيل، بس بدو ياسر نبيل… بدو شغل، بدو إصرار، بدو شغف بيغلب التعب.
الناس اليوم صاروا يعرفوا اسمو، بس بكرا رح يدرّسوا أعماله، رح يحكوا عنو بالمعاهد، رح يشوفوا كيف مخرج مصري قدر يحط الحرف العربي على بوستر عالمي، وكيف حوّل الأحلام لحقيقة ع الشاشة الكبيرة. لأنو ببساطة، ياسر نبيل ما مشي على خطى حدا، هوّي رسم خطاه، خلق مدرسة، وفرض إيقاع جديد بعالم عم يغرق بالتكرار. قدر يصير هوّي الحدث، هوّي البداية، وهوّي المرجع.
والأهم من كل هيدا، إنو ياسر بعدو بيشتغل بنفس التواضع، بنفس الجوع، بنفس اللهفة يلّي بلّش فيها. وهايدي قوّته. لأنو ما نسي مين هو، ما نسي من وين إجا، وما نسي إنو كل مشهد هو رسالة، وكل فيلم هو فرصة ليخلّي شي بالعالم يتغيّر، يوعى، يفتّح عيونو.
فإذا سألت عن المخرج العربي يلّي عم يكتب التاريخ فعلاً، بلا مبالغة، وبلا مزايدات... قلك: ياسر نبيل، لأنو ببساطة، هوّي الحكاية يلّي بعدنا بأول فصل منها، وكل فصل جايي... أعظم
تعليقات
إرسال تعليق