بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا ثم اما بعد إن الألعاب الألكترونية التي تشغل بال معظم الأطفال في وقتنا المعاصر لها أثر خطير علي الطفل المسلم، وإن من الأثر العقيدي في تلك الألعاب، هو الاعتقاد في الحظ والأبراج والسحر والسحرة، وتعلم تحضير الشياطين وغيرها من أمور الدجل والشعوذة، وكلها أمور محرمة في الشرع، ومن الأثر السيئ لتلك الألعاب، هو ضياع الأوقات فيما لا يفيد وتضييع الصلوات، ولا يمكن لأحد إنكار ذلك.
فهذه الألعاب كالمغناطيس في جذب الأطفال والمراهقين بل والكبار أيضا، ومن الأثر السيئ لتلك الألعاب هو عقوق الوالدين فالأم مثلا تأمره لقضاء بعض الحاجات لها فلا يسمع لها ولا يطيع أمرها، فيقع في العقوق والعياذ بالله، وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله تعالى، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر، أو سئل عن الكبائر فقال "الشرك بالله، وعقوق الوالدين" متفق عليه، وإننا في زحمة التطور وتسابق المخترعات يجب علينا أن نمحّص الضار من النافع، ويجب علينا إذا كان التطور مما يشترك فيه النساء والرجال أن يزداد حذرنا أكثر وأكثر، ولنضرب لذلك مثلا، ففي وسائل الاتصالات مثلا ينزل يوما بعد يوم ما يبهر عقول الناس، وذلك استدرارا لأموالهم، وفسادا لأخلاقهم، ويخف الضرر إذا كان ضررا ماليا.
ولكن إذا انتقل الضرر إلى العِرض فتلك المصيبة الكبرى التي لا يرفأ فتقها، ولعلنا نستعيد الذاكرة إلى الوراء قليلا، فأول ما نزل إلى الأسواق الجوال الذي زود بالكاميرا، ضج الناس حتى منع بيعه في الأسواق، وأصبح يباع خفية كالمخدرات، وما أن سُمح ببيعه حتى كثر في الأسواق بأنواع مختلفة وإمكانيات عجيبة وتطور باهر، ويزداد الأمر خطورة عندما زودت بعض الأجهزة بما يسمى بالبلوتوث أو الشير، وهو برنامج مراسلة مجانية بين أجهزة الهاتف التي تعمل بهذا الخاصية، ويستطيعون أن يحمّلوا على التليفونات أفلاما، من الفيديو ويدبلجوا ويدخلوا صورا في صور وأفلاما مع أفلام، حتى انتشر للأسف بين الشباب بجنسيهم تبادل الأفلام الخليعة، بل وصور الأبرياء التي تلتقط بلا علمهم، وذلك عبر ما صور بالتليفون في قاعات الأفراح أو في الأسواق أو في المدارس.
أو فى الملاهى والكازينوهات أو في مشاغل الخياطة، أو في المتنزهات أو في شقق الإيجار أو الفنادق، حتى خشي الإنسان على نفسه في بيته، ويجتمع سيل التطور في مستنقع الرذيلة، فيتساعد البلوتوث والشير وكاميرا التصوير والإنترنت في نشر الفساد وانحلال المجتمع، فيتناقلون ذلك في البلوتوث أو الشير عبر رسائله، والعجب أنها تنتشر في أواسط الناس انتشار النار في الهشيم، ثم يأتي بعض السقطة وينزل هذه الصور عبر الإنترنت، فينشرها عالميا، فانظر كيف أن هذا التطور أصبح وسيلة فساد، بل أصبحت التقنية وسائل ترفيه وهمجية، كل هذا والناس بلا رقيب ولا سلطة مانعة، وإن لهذا السفه أسبابا كثيرة إن لم نقم بعلاجها هلك المجتمع بأسره، ولو تعقل الناس فيها لقلبوا الفتنة إلى نعمة، والمحنة إلى منحة، ولكن للأسف قلّ أن تجد من الناس من يستعملها في الخير المحض.
ومن قصد الخير أصابه من شرها الذي لا يكاد ينجو منه أحد، وإن المخيف في الأمر، هو هروع شباب الأمة خلف زيفها والغرق في مستنقعاتها، بلا تأن، بل ولا رقيب، ومن خالط الشباب سواء في وسط المجتمع أو في قاعات الدراسة يبكي دما لحال الشباب الذين هم عماد الأمة والذين هم أملها، وبغفلة من ولي الأمر الذي أصبح لفرط جهله بهذه الأمور يساعد أبناءه على الشر والفساد وهو لا يشعر، بل ربما تغافله أبناؤه على ما يريدون، وكل ذلك في ظل الثقة الزائفة، التي يجني الولي منها الندامة في الغالب، والقنوات الفضائية تجمع السم الزعاف الذي ليس له مصل يعالج به من أصابه سمها، إلا توفيق الله وعنايته، فهي تبث فساد المجتمعات، ورذائل أخلاقهم، إلى كل بيت يحوي تلك القنوات.
تعليقات
إرسال تعليق