القائمة الرئيسية

الصفحات

قافلة الصمود .... أم قافلة الفوضى؟

 هنا نابل بقلم المعز غني 


            



في عالم يتبدل فيه المعنى ، ويُلوَّن الحق بأصباغ الباطل خرجت علينا ما تُسمى بـ"قافلة الصمود" ، تتهادى في طريقها من الجزائر ، مرورًا بتونس وليبيا، في مسرحية بدعوى كسر الحصار عن غزة. وعلى الرغم من العنوان العاطفي الجذّاب ، إلا أن المضمون يكشف هشاشة المنطق وسذاجة الفعل، وربما خبث النوايا.


قافلة تدّعي الإنسانية وتُبطن الارتباك السياسي ، تُلملم شتاتها من هنا وهناك دون تنسيق مسبق وبلا غطاء قانوني ، ولا إعترافً دولي أو إقليمي.

 تمضي في عشوائية ، كمن يخوض معركة على صفحات التواصل الإجتماعي لا على أرض الواقع ...


لكن هنا ، يقف الإسم الأكبر: قاهرة المعز جمهورية مصر العربية 

مصر ليست ساحة عبور ولا ممر أوهام

من يُخطط أو يتخيل ولو للحظة أن مصر ستكون مجرد معبر عابر لمجموعة أفراد ، أيًّا كانت دوافعهم أو راياتهم واهم وفهو لم يقرأ التاريخ جيدًا ، ولم يفهم الحاضر بعد.


مصر ليست دولة سائبة تُترك أبوابها مشرعة لكل طارق، جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة ، مؤسساتها لا تنام ، وجيشها حارسها الأمين. 

حدودها خصوصًا الغربية منها مع ليبيا ليست خيوط رمل تُداس ، بل جدران أمنية منيعة مُحكمة الإغلاق مراقبة بعين لا تغفل.

قافلة الصمود لم تكن سوى عبث إعلامي مغلف بشعارات رنّانة محاولة لإرباك المشهد ، واللعب في المياه العكرة ودفع مصر إلى سيناريوهات مفتوحة ، لا تخدم سوى من إعتادوا الصيد في الأزمات.


النية ليست غزة... بل محاولة إحراج مصر

الادّعاء بأن القافلة تسعى لنصرة غزة ، محض وهم. 

الهدف الأعمق – وربما الأخطر – هو دفع مصر إلى زاوية الحرج: أن تفتح الحدود تحت ضغط المشهد الإنساني ، أو تُتهم بالتخاذل عن نصرة القضية الفلسطينية.

لكن الحقيقة الناصعة أن مصر ومنذ عقود ، هي الرئة التي تنفست منها غزة حيث قدّمت الدعم وإحتضنت الجرحى ، وساندت الشعب الفلسطيني في أحلك الظروف. 

غير أنها – في ذات الوقت – لا تقبل أن تكون ورقة في لعبة إعلامية رخيصة ، أو ضحية لضغوط رمادية مغلفة بالمثالية.


من أراد أن ينصر غزة بحق ، فليُنسق مع الجهات المختصة فليعمل بصمت وشرف ، لا عبر مسيرات جوفاء تستعرض أمام الكاميرات ، وتنتظر التصفيق من المتفرجين.


مصر تُحكم قبضتها ... وتغلق أبواب الفوضى

حدود مصر الغربية المتاخمة لليبيا ليست مجرد خطوط على الخريطة ، إنها أحد أخطر التحديات الأمنية في العصر الحديث. ورغم ذلك فهي مؤمنة بالكامل ، مراقبة بدقة لا تتهاون ، وكل محاولة تسلل تُواجَه برد حاسم وفوري.


من يظن أن بمقدوره العبور خلسة ، أو تمرير أجندات خلف لافتات “ الصمود ”، لم يعرف من تكون مصر.

 مصر لا تترك شيئًا للصدفة ولا تترك بابًا دون حارس ، ولا تمريرًا دون فحص ولا نوايا دون قراءة.

رسالة مصر ... حزم لا دفاع

لسنا في موقع تبرير أو إعتذار .... مصر لا تبرر سيادتها لأحد ولا تسمح بالإملاءات ، ولا تخضع لمن يلوّح برايات النوايا المزيفة. 

من يُشعل النيران عليه أن يتحمّل لهيبها ، ومن يتحدى الأمن المصري عليه أن يعلم أن الرد ليس ببيان بل بفعل لا يُخطئ.


فمصر ، الدولة والتاريخ ، الجيش والعقل ، ليست موضع إختبار . ولن تُفرض عليها قرارات من الخارج ، ولا خطوات مرتجلة من الداخل.


كلمة أخيرة ... إلى كل من تسوّل له نفسه

أعلموا جيدًا:

مصر ليست دولة تُخدع بشعارات ، ولا تُبتز بأزمات.

من أراد أن يخدم غزة ، فليخدمها من بابها الصحيح عبر التنسيق، لا إستعراض العضالات.

ومن أراد أن يختبر يقظة الجيش المصري ، فليستعد لأن يرى الحقيقة عارية، صارخة، لا تحتمل التأويل.


-------

تعليقات