بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 25 فبراير 2024
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إن النفس والهوى في العادة يطالبان الإنسان بالمعصية ومن الصعب على الإنسان أن لا يستجيب إليهما ولكن جدير بالمؤمن أن يتحدى النفس ويقاوم الهوى فإنما الدنيا ساعة والمفروض أن تحمل ألم ساعة في مرضات الله تعالى فماذا سيكون حالك أيها الإنسان فيما لو أخبرك الله تعالى بأن المتبقي لك من عمرك مجرد ساعة، فهل كنت ستعصي الله تعالى فيها؟
وهل كنت ستظلم الناس وتنازعهم حقوقهم؟ وهل كنت لتنشغل عن الموت بطلب الملذات وزخارف الدنيا؟ فعليك أن تفكر لتنجو بنفسك، عليك أن تفكر في التوبة والرجوع إلى الله تعالى، عليك أن تفكر في الأعمال التي ترضي الله تعالى عنك وتجنبك سخطه، عليك أن تفكر بما يسعدك في دار الدنيا والآخرة، فالعاقل هو الذي يستثمر فرص الدنيا لسعادة الآخرة، فإن الفرصة إذا ذهبت قد لا تعود مرة ثانية، ومن سوف التوبة إلى الغد ولم يأتي عليه الغد بأن عاجله الموت فقد هلك وهوى، وإن المؤمن بالله الواثق بنصر الله قوي وإن لم يكن في يده سلاح، وكذلك القوة صفة الأنبياء والصالحين، فنبي الله موسى عليه السلام أمره الله تعالي بأخذ الألواحِ بقوة، وبسبب قوة سيدنا موسي عليه السلام دفعت المرأتين إلى اختيار موسى عليه السلام.
وكما أن الملك العادل ذو القرنين يبنيِ السد ويطلب العون بقوة، وهكذا كانت القوة والثبات مبدأً أصيلا في دعوة الأنبياء جميعا عليهم الصلاة والسلام، وإن المؤمن بالله الواثق بنصر الله تعالي وإن الرزق من عند الله عزيز وإن لم يكن وراءه عشيرة وأتباع وهو أيضا ثابت وإن اضطربت به مصائب الحياة، فالمؤمن أقوى من البحر بأمواجه والرياح بهبوبها والجبال وثباتها وصدق النبي صلى الله عليه وسلم القائل "لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال" وجاء في حديث رواه الامام احمد قول النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله لما خلق الأرض مارت وتحركت فثبتها بالجبال فتعجبت الملائكة وقالت يارب هل خلقت خلقا أشد من الجبال قال نعم الحديد يفتت الجبال فقالت الملائكة هل خلقت خلقا أشد من الحديد قال نعم النار تذيب الحديد.
فقال الملائكة يا رب هل خلقت خلقا أشد من النار قال نعم الماء تطفئ النار فقالت الملائكة هل خلقت خلقا أشد من الماء قال نعم الرياح ، فقالت الملائكة يا رب هل خلقت خلقا أشد من الريا قال نعم المؤمن إذا تصدق بالصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه هو عندي أقوى من ذلك كله" فكم نحن بحاجة الى المؤمن القوي الذي يتماسك أمام المصائب ويثبت بين يديِ البلاء راضيا بقضاء الله وقدره، وقد صوّر هذا رسولنا المصطفي صلى الله عليه وسلم بقوله "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلاّ للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه مسلم، وفي الختام نسأل الله أن يصلح ذريات المسلمين حتى يكونوا هداة مهتدين، ينصرون هذه الأمة ويزيلون عنها ما خنق أنفاسها من الجهل والضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تعليقات
إرسال تعليق