القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن في الصدقة عشر خصال


بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 5 مارس 2024

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا ثم اما بعد قال الحسن بئس الرفيق الدرهم والدينار لا ينفعانك حتى يفارقانك، وقال أبو ذر رضي الله عنه الصلاة عماد الإسلام، والجهاد تمام العمل، والصدقة شيء عجيب، ثم كرره وأعاد قال الصدقة شيء عجيب، ومن عجائبها قال صلى الله عليه وسلم " بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة اسقي أرض فلان فاتجهت تلك السحابة فأفرغت ماءها في حرة. 






فإذا تلك الحجارة مسيل ماء قد استوعبت ذلك الماء كله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم فتتبع الرجل الماء، فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له يا عبد الله ما اسمك؟ قال اسمي فلان، قال إني سمعت صوتا في السحاب يقول اسقي حديقة فلان، فماذا تصنع بها حتى يساق إليك هذا، فقال أما وقد سألت، فإني أنظر إلى ما يخرج من هذه الحديقة، فثلث أنفقه في سبيل الله، وثلث أنفقه على عيالي، وثلث أدخره في الأرض" فهذا قسم الأموال إلى ثلاثة أقسام فكانت المكافأة من الله ذلك، وقال الفقيه أبو الليث السمرقندي عليك بالصدقة والجود بما قل أو كثر، فإن في الصدقة عشر خصال، خمس في الدنيا وخمس في الآخرة، أما الخمس التي في الدنيا فأولها هو تطهير مال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "ألا إن البيع يحضره اللغو والحلف والكذب فشوبوه بالصدقة" 






يعني طهروه بالصدقة، ثانيها هو تطهير البدن والنفس من الذنوب كما قال الله تعالي " خذ من أموالهم صدقة تطههم وتزكيهم بها" وثالثها هو دفع البلاء ودفع المرض، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "داووا مرضاكم بالصدقة" فهو أعظم علاج لكل الأمراض، الصدقة يتبعها بالدعاء، فقلما يرد الدعاء بعد الصدقة، ومن منا لا يحزن، ومن منا لا يعرف مهموما ولا مغموما ولا مبتلى في بدنه، وقبل أن تذهب إلى الطبيب، تقرب إلى طبيب الأرض والسماء بالصدقة، فإن الصدقة مرضاة لرب العالمين، ورابعها هو إدخال السرور ومواساة المحتاج من غير أن يسألك، فكم من السرور تدخله عليه؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم "أعظم الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم" وخامسها وهو أن فيها بركة في المال وسعة الرزق.





فقال تعالى كما جاء في سورة الأعراف " ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" وقال تعالي في سورة البقرة " يمحق الله الربا ويربي الصدقات" أما الخمس التي في الآخرة، وهي أن الصدقة تكون ظلا لصاحبها في الحر الشديد، ودرجة الحرارة ليست أربعين درجة ولا خمسين ولا ستين، بل تدنو الشمس من رءوس العباد مقدار ميل، فيغرق الناس في عرقهم، فلا ماء يشربون، ولا أكل يأكلون، ولا ظل يستظلون، فترى الذين تصدقوا تحت غمامات صدقاتهم تظللهم في ذلك اليوم، وأيضا تسهيل الحساب علي العبد، حيث قال تعالى في سورة الإنشقاق "فأما من أوتي كتابه بيمينه، فسوف يحاسب حسابا يسيرا، وينقلب إلي أهله مسرورا" فقد كانت أخبارهم كما قال تعالى في سورة الذاريات. 





" كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم" فسهل الله تعالي عليهم الحساب في ذلك اليوم، وجاء في الخبر الصحيح أن غنيا وفقيرا التقيا عند باب الجنة، فدخل الفقير في الحال، وبقي الغني يحاسب على ماله خمسمائة سنة حتى خاف الفقير عليه، فدخل الغني الجنة بعد خمسمائة سنة من دخول الفقير، فقال له الفقير خفت عليك فما الذي أخرك؟ قال أخرني مالي، وهذا المال حلال، لا ربا فيه ولا غش، ولا أكل أموال الناس بالباطل، لكن كل هذا الحساب هو السؤال فقط من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وهذا الغني طهر المال في الدنيا، وطهر نفسه بالصدقات، لكن لا بد من السؤال والحساب، وهذا الحساب على مال حلال ليس فيه ربا ولا سرقات، ولا أكل مالا بالظلم والعدوان، ولا أكل أموال اليتامى بالباطل، لا افترى على الناس، بل هو حلال أخره خمسمائة سنة، فكيف بالذي أكل مال هذا وسب هذا وشتم هذا وأخذ زورا وبهتانا أموال الناس؟

تعليقات