بقلم احمد الشبيتى
نداء لتفعيل مجالس الآباء وإعادة الهيبة للشراكة التربوية
إن العملية التعليمية ليست مجرد فصل دراسي وسبورة ومعلم، بل هي منظومة متكاملة، وجناحان لا يطير طائر العلم إلا بهما معاً: "البيت والمدرسة".
واليوم، ومن واقع المسؤولية، لا بد أن نتحدث بصراحة وشفافية عن الضلع الغائب في هذا المثلث، وعن الدور العظيم الذي تراجع للأسف، وهو دور الأب والأم ومجالس الأمناء والآباء.
زيارات "الكوارث" فقط!
لقد أصبحنا نرى ظاهرة مؤسفة في مدارسنا، وهي انعدام زيارات أولياء الأمور للمدرسة في الأوقات العادية. لقد تحولت العلاقة بين ولي الأمر والمدرسة إلى علاقة "طوارئ" فقط. لا نرى ولي الأمر إلا إذا كان هناك استدعاء بسبب مشكلة سلوكية، أو إنذار بالفصل، أو عراك بين الطلاب.
لماذا غابت ثقافة "الزيارة التفقدية"؟ لماذا لا يذهب ولي الأمر للمدرسة ليسأل: "كيف حال ابني؟ ماذا ينقصه؟ هل هو متفاعل؟"، بدلاً من أن يأتي غاضباً أو مدافعاً عند وقوع المصيبة؟ إن غياب المتابعة الدورية والاطلاع على الكراسات والواجبات في البيت هو بداية
الانفصال بين الطالب ومستقبله.
أين دور الأب؟
وفي خضم هذا الغياب، نلاحظ عبئاً هائلاً ملقى على عاتق "الأم" وحدها. في الحالات القليلة التي يتم فيها السؤال عن الطالب، نجد الأم هي التي تحضر، وهي التي تتابع، وهي التي تسأل.
أين دور الأب؟
إن حضور الأب للمدرسة، وسؤاله عن ابنه، ووقوفه بجانب المعلم، يزرع في نفس الطالب هيبة واحتراماً للمكان الذي يتعلم فيه. إن شعور الطفل بأن والده يراقبه، ويهتم بتفاصيل يومه الدراسي، ويسأل عنه دون حدوث مشكلة، هو أكبر رادع للسلوكيات الخاطئة وأكبر حافز للتفوق.
تفعيل مجالس الآباء والأمناء: ضرورة لا رفاهية
وهنا نأتي للنقطة الجوهرية: أين دور مجلس الآباء والأمناء؟
لا نريد مجالس حبراً على ورق، ولا مناصب شرفية.
إن المدارس بحاجة ماسة لتفعيل هذا الدور الحيوي. المدرسة قد تنقصها بعض الإمكانيات التي قد لا تستطيع الوزارة توفيرها في حينها، ولكن بتكاتف أولياء الأمور، وباستطاعة القليل منهم، يمكن سد هذه الثغرات.
أين المبادرات المجتمعية لتوفير بعض المستلزمات الطبية البسيطة، أو الدعم الغذائي للطلاب المحتاجين، أو حتى المساهمة في تحسين بيئة الفصل؟
هذا هو التكافل الذي حثنا عليه ديننا.
جبر الخواطر وتكريم المعلمين
ومن أهم أدوار مجالس الآباء التي غابت عنا، هو "الدعم المعنوي".
لماذا لا نرى تكريماً للمعلمين والمعلمات من قبل أولياء الأمور؟ إن كلمة شكر، أو هدية رمزية، أو شهادة تقدير يقدمها مجلس الآباء للمعلم المخلص، تمنحه طاقة إيجابية هائلة وتشعره بأن تعبه مقدر ومحفوظ.
لقد أوصانا ديننا الحنيف باحترام المعلم وتوقيره، وقرأنا في القرآن وسنة نبينا الكريم ﷺ ما يرفع من قدر العلم وأهله. إن احترام المعلم أمام الطالب هو اللبنة الأولى في التربية.
رسالة من القلب
من هذا المنبر، أناشد كل أب، وأناشد كل أم:
لا تنتظروا المصائب لتزوروا المدارس. عودوا إلى تفعيل مجالس الآباء بقوة. ادعموا مدارس أولادكم ولو بالكلمة الطيبة.
راقبوا كراساتهم، وتابعوا سلوكهم.
اجعلوا زيارة المدرسة روتيناً شهرياً محبباً، تفقدوا فيها أحوال أبنائكم واحتياجات مدرستهم.
إن المدرسة بيت أبنائكم الثاني، فكيف يغيب "أهل البيت" عن بيته؟ لنعد للمدرسة هيبتها، وللتربية مكانتها، وللمعلم احترامه، لكي نحصد جيلاً صالحاً يبرنا ويبني وطنه.
فلنكن شركاء في البناء، لا مراقبين عن بعد.

تعليقات
إرسال تعليق