_________________________
كتب / سمير أبو طالب
_________________________
في سردٍ موجزٍ ولكنه خالٍ من المبالغة، يروي النقيب احتياط محمد مرزوق تفاصيل أيام لا تُنسى من حرب السادس من أكتوبر، أيام استبسالٍ ومواقفٍ ضُربت فيها أروع معاني التضحية والصداقة العسكرية على رمال سيناء وشوارع السويس .. منذ الوهلة الأولى، يظهر في حديث مرزوق احترامه الكبير لما أسماه «أبطال النصر» وعلى رأسهم اللواء أحمد بدوي قائد الفرقة السابعة مشاه واللواء قدري عثمان رئيس أركان الفرقة السابعة، اللذان وصفهما بـ«العمود الفقري الذي قاد معاركنا بعزيمة وحنكة».مشهد المعركة: سيناء تحكي يتذكر مرزوق اللحظة التي احتدم فيها القتال في إحدى محاور سيناء: «كنا نتحرك وسط دخان القذائف وقطع الرؤية، وفي كل لحظة كان يظهر نوع من الإصرار لا يُقهر بين الزملاء. لم نفكر إلا في الوطن، وفي حماية مواقعنا، وفي تنفيذ أوامر قيادتنا بدقة». ويصف كيف تحولت الوحدات الصغيرة إلى عائلات مقاتلة، كيف أعاد الضابط والزميل وجندي المشهد إلى أنفاسٍ واحدة تحت النار .. السويس.. قلبٌ خفق بالعزيمة وعند حديثه عن معارك السويس يقول مرزوق: «المدينة كانت ساحة صمود؛ لا صوت يعلو فوق صوت الجمهورية المتلاحمة. رأيت رجالًا تحولوا إلى أسودٍ في دقائق، وظهر فيها بذلٌ منقطع النظير من قيادتنا، خاصة توجيهات اللواء أحمد بدوي وحنكته التكتيكية التي أنقذت كثيرًا من الأرواح» .. أشياءٍ انتزعتها اليد المصرية من العدو وطلب الاحتفاظ بها أضاف النقيب مرزوق تفاصيل لافتة عن بعض المتعلقات التي عثروا عليها بين ركام العدو بعد المعارك، وقال إنه طالب رسميًا باحتفاظه بها «تذكارًا لوقائع الحرب ودليلًا على انتصارنا»، من بينها : لوحة نحاسية من دبابة إسرائيلية مدمرة عُثِر عليها داخل مخلفات الدبابة بعد تعرضها للضرب، وهي بحسب وصفه قطعة تحمل ندوب المعركة وتوثق لحظة انتصار .. محتويات شخصية ولوجستية للعدو، شملت معدات اتصال، خرائط، بعض الوثائق الميدانية، وأدوات فردية أخرى عُثر عليها داخل مخابئ ومخلفات وحدات العدو .. وقال مرزوق بصوتٍ يختلطه الحنين والفخر: «طالبت أن تُبقى هذه الأشياء في ذاكرتي؛ فهي ليست مجرد معدن أو ورق — إنها بقايا لحظة تاريخية شهدت انتصار شعبٍ وجيش». وأضاف أن حفظ هذه المتعلقات يأتي في إطار توثيق الذكرى وإعطاء الأجيال القادمة علامة مادية على ثمن الحرية .. إشادة بقيادات من طرازٍ آخر لم يفوت مرزوق فرصة الحديث عن دور القيادات الميدانية: «اللواء أحمد بدوي واللواء قدري عثمان لم يكونا فقط مُخطِطان، بل قادة صنعوا حالة معنوية لدى الجنود. هدوءهما تحت ضغط المعارك، وسرعة اتخاذ القرار، كانا سببًا مباشرًا في تحويل اللحظات الحرجة إلى فرص نُفذّت على الأرض» .. خاتمة : ذاكرةٌ حية .. يختم النقيب احتياط محمد مرزوق حديثه قائلاً: «عندما أنظر إلى تلك اللوحة النحاسية أو أي شيء احتفظت به من الميدان، لا أرى مجرد قطعة أثرية، بل أرى وجوه رفقائي وشهداء لم تفارقني ذكراهم. قصتي وقصصهم هي جزء من ذاكرة وطنية يجب أن نحافظ عليها ونرويها للأجيال».
تعليقات
إرسال تعليق