إعداد - محمد عبدالعزيز سعفان
في خطوة رقابية هي الأضخم في تاريخه، وجّه البنك المركزي المصري ضربة قوية لواحد من كبرى الكيانات المصرفية العاملة في السوق، بفرض غرامة مالية غير مسبوقة تبلغ قيمتها مليار جنيه مصري على "بنك أبوظبي الأول – مصر".
هذا الإجراء الصارم لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة مباشرة لتحقيقات كشفت عن "مخالفات جسيمة" في آليات منح التسهيلات الائتمانية.
ما وراء الغرامة: "بلتون" واستخدام التمويل
تتمحور القضية حول تسهيلات ائتمانية ضخمة مُنحت لشركة "بلتون القابضة" (الذراع المالية التابعة لمجموعة "شيميرا" الإماراتية). ووفقًا للمصادر، اكتشف "المركزي" أن هذه التمويلات تم استخدامها في غير الأغراض التي خُصصت لها عند الموافقة على الائتمان، وهو ما يُعد انتهاكًا صريحًا للضوابط الرقابية وقواعد الحوكمة المصرفية.
إجراءات تأديبية متزامنة
العقوبة لم تكن مالية فقط، بل شملت إجراءات إدارية حاسمة، حيث أسفرت التحقيقات عن:
* إقالة رئيس قطاع المخاطر في بنك أبوظبي الأول – مصر، كجزء من تحميل المسؤولية عن الخلل في الرقابة الداخلية.
* الكشف عن تورط بنوك أخرى، ولكن بدرجة أقل، حيث شملت العقوبات بنك الكويت الوطني – مصر بغرامة بلغت 170 مليون جنيه لنفس الأسباب المتعلقة بتمويل "بلتون".
* أثارت هذه الأنباء اضطرابًا في البورصة المصرية، مما استدعى إيقاف التداول على سهم "بلتون" مؤقتًا قبل أن يعاود التداول على هبوط ملحوظ.
ردود فعل الأطراف المعنية
في أول تعليق له، حاول بنك أبوظبي الأول – مصر احتواء الموقف، مؤكدًا في بيان مقتضب "التزامه الكامل" بالقوانين واللوائح الصادرة عن البنك المركزي، وتعاونهم المستمر مع الجهات الرقابية. لكنه تمسك بالسرية المصرفية رافضًا التعليق على "أي معاملات أو مسائل تخص عملاءه".
من جانبها، سارعت شركة "بلتون القابضة" بإصدار إفصاح للبورصة، تؤكد فيه "قوة ملاءتها المالية والتزامها التام" بالقواعد الرقابية، في محاولة لامتصاص الصدمة وطمأنة المستثمرين.
دلالات القرار: لا أحد فوق القانون
تُعد هذه الواقعة نقطة تحول في سياسات الرقابة المصرفية في مصر. الرسالة التي يبعث بها البنك المركزي واضحة: "لا حصانة للكيانات الكبرى".

تعليقات
إرسال تعليق