القائمة الرئيسية

الصفحات

إيناس عز الدين تتألق على شاشة الحياة الحمراء وتتصدر التريند العالمي بفقرة مبهرة في مهرجان الموسيقى العربية الـ33 بقيادة المايسترو مصطفى حلمي


الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر


في ليلة استثنائية من ليالي الفن الرفيع، تألقت النجمة إيناس عز الدين على شاشة الحياة الحمراء في ظهور خطف الأنظار وأشعل مواقع التواصل الاجتماعي، بعد مشاركتها المبهرة في حفل مهرجان الموسيقى العربية في دورته الـ33، بقيادة المايسترو القدير مصطفى حلمي، لتؤكد مجددًا أنها واحدة من أهم الأصوات التي تجمع بين الحضور الطاغي والإحساس العميق، وبين الأصالة والتجديد في آنٍ واحد. هذا الظهور لم يكن مجرد أداء فني، بل حالة فنية مكتملة الأركان جسدت فيها إيناس معنى الفن الحقيقي الذي يخرج من القلب ليصل إلى القلوب دون استئذان.


منذ اللحظة الأولى لاعتلائها المسرح، ساد شعور عام بالدهشة والانبهار؛ فإيناس لم تقدّم أغنية فحسب، بل قدّمت لوحة موسيقية متكاملة تنبض بالعاطفة، وتمتزج فيها النغمة بالكلمة، والمشاعر بالصوت. صوتها العذب حمل الجمهور إلى عالم آخر، مليء بالشجن والجمال والرقي، وكأنها تحكي قصة كل عاشقٍ مرّ بتجربة إنسانية عميقة. كانت خطواتها الواثقة على المسرح، ونظراتها التي تجمع بين الثقة والتواضع، خير دليل على نضج فني كبير ووعي بجمال التفاصيل الصغيرة التي تصنع الفرق بين الغناء العادي والفن الحقيقي.


إيناس عز الدين لم تكن في تلك الليلة مجرد مطربة تؤدي مقطوعة، بل كانت حالة من الإحساس الصادق. استطاعت أن تخلق حالة وجدانية نادرة الحدوث، جمعت فيها بين قوة الأداء وصدق الإحساس، وبين صرامة الاحتراف ورهافة المشاعر. تلك التوليفة التي يصعب أن تتكرر، جعلت الجمهور يتفاعل معها بحب وإعجاب، وجعلت مواقع التواصل الاجتماعي تضج باسمها بعد دقائق من انتهاء فقرتها، حتى تصدّرت التريند العالمي بعشرات الآلاف من التغريدات والإعجابات والتعليقات التي وصفت أداءها بأنه “أقرب إلى السحر”.


قيادة المايسترو مصطفى حلمي للأوركسترا أضافت إلى المشهد بعدًا فنيًا ساحرًا، حيث كان التفاهم بينه وبين إيناس أشبه بحوار موسيقي راقٍ بين صوتٍ يعرف كيف يُعبّر، وأوركسترا تعرف كيف تحتضن هذا الصوت وتقدّمه في أبهى صورة. بدا الانسجام واضحًا في كل نغمة وكل وقفة موسيقية، وكأننا أمام عملٍ مكتوب خصيصًا ليُبرز جمال صوتها الفريد. هذا التناغم بين المايسترو والمطربة خلق حالة من الانبهار لدى الجمهور، وذكّر الجميع بعصرٍ كانت فيه الموسيقى لغةً راقية للروح لا وسيلةً للضجيج.


الظهور على شاشة الحياة الحمراء منح الحدث بريقًا إضافيًا، فالقناة التي لطالما دعمت الفن الراقي قدّمت النجمة إيناس عز الدين في إطار يليق بمكانتها، فبدت الصورة مكتملة بين الجودة الفنية والإبهار البصري. إيناس أطلت بإطلالة أنيقة راقية جمعت بين البساطة والفخامة، عكست ذوقها الرفيع وثقتها بنفسها، لتؤكد أن الأناقة لا تُقاس بالبهرجة بل بالتناغم بين الشخصية والظهور. حضورها كان طاغيًا، لكنه في الوقت ذاته راقٍ ومتوازن، يعكس ما وصلت إليه من نضج فني وإنساني.


تفاعل الجمهور مع فقرتها كان استثنائيًا، حيث امتلأت القاعة بالتصفيق الحار والهتافات التي عبّرت عن مدى الإعجاب والتقدير لصوتها وأدائها. على مواقع التواصل الاجتماعي، تحوّل اسمها إلى وسمٍ متصدر عالميًا، وتداول المتابعون مقاطع من فقرتها بكلمات الإشادة والانبهار، مؤكدين أن إيناس استطاعت أن تعيد للأذهان روح مهرجانات الموسيقى العربية القديمة التي كانت تكرّس للجمال والإحساس والفن الحقيقي. البعض وصفها بأنها "صوت لا يُشبه إلا نفسه"، وآخرون قالوا إنها “مدرسة في الإحساس والصدق”، وهي أوصاف لم تأتِ من فراغ بل من تجربة سمعها الناس بآذانهم وشعروها بقلوبهم.


ما يميز إيناس عز الدين أنها لا تكتفي بالنجاح اللحظي، بل تسعى دومًا لتطوير نفسها وتقديم الجديد الذي يحمل بصمتها الخاصة. فهي تنتمي إلى جيلٍ يؤمن بأن الفن ليس منافسة، بل رسالة ومسؤولية، وأن الحفاظ على مستوى راقٍ من الأداء يتطلب جهدًا وصبرًا وإخلاصًا. وهذا ما تجسده في كل ظهور لها، إذ تبدو دائمًا حريصة على أن يكون كل مشهد وكل نغمة انعكاسًا لاحترامها لفنها وجمهورها. ومن يتأمل مسيرتها يدرك أنها تبني مجدها بصمت وثقة، وأن ما وصلت إليه من مكانة هو نتاج تعب وسنوات من العمل الجادّ، لا ضجيج ولا مصادفات.


أما تصدّرها للتريند العالمي، فلم يكن نتيجة ترويج أو دعاية، بل بسبب التفاعل الطبيعي والعفوي من جمهورٍ أحبها بصدق. هذا النجاح العابر للحدود يُثبت أن الفن الصادق لا يحتاج إلى ترجمة، وأن الصوت الجميل إذا خرج من القلب يصل إلى كل القلوب، مهما اختلفت الثقافات واللغات. إيناس عز الدين في تلك الليلة لم تكن تمثل نفسها فقط، بل مثلت نموذجًا للمرأة المصرية القوية المبدعة التي تعرف كيف تجمع بين الأنوثة والعطاء، وبين الموهبة والإصرار.


وإذا أردنا أن نقرأ ظهورها قراءة فلسفية، يمكن القول إن إيناس جسّدت المعنى الحقيقي للفن كقوة روحية تُعيد التوازن للعالم، وكأنها تقول من خلال صوتها: “ما زال في هذا الزمن ما يستحق أن يُسمع”. فبينما تميل بعض الفنون الحديثة إلى الاستسهال، تذكّرنا إيناس بأن الفن الحقيقي يحتاج إلى صدقٍ وتعبٍ وموهبةٍ خالصة، وأن الجمهور مهما تغيّر سيظل يبحث عن الصوت الذي يلمس قلبه لا أذنه فقط.


ولعلّ ما يجعل نجاحها مختلفًا هو أنها لا تنظر إلى الغناء كأداة للشهرة، بل كمساحة للحب والتعبير والتأثير. فحين تغني، تشعر وكأنها تُصلي بصوتها للفن نفسه، وكأن كل نغمة تحمل رسالة من روحها للعالم. وهذا ما يميزها عن غيرها: الصدق. الصدق في الأداء، في النظرة، في الحضور، في كل تفصيلة تُقدّمها على المسرح.


وفي ختام تلك الليلة الساحرة، لم تكن التصفيقات هي المكافأة الكبرى لإيناس عز الدين، بل تلك النظرات الممتنة في أعين الجمهور، وتلك الدعوات التي خرجت من القلوب التي لمستها بصوتها وإحساسها. فهكذا يكون الفنان الحقيقي: لا يبحث عن لحظة مجدٍ عابرة، بل يترك أثرًا يبقى، وصدىً لا يزول. وهكذا كتبت إيناس اسمها مرة أخرى بحروف من ذهب في ذاكرة الفن المصري والعربي، لتؤكد أن الأصالة ما زالت قادرة على أن تتصدّر التريند، حين يكون وراءها صوت 

حقيقي وروح مؤمنة بالفن.

تعليقات