القائمة الرئيسية

الصفحات

أنا الكبرياء الذي يحرقكم

أنا اللهيب الذي يسكن صدوركم، لا ليمنحكم دفئًا، بل ليذيب قلوبكم في صمتٍ بطيء.
أنا الهمس الخفيّ الذي يقول: "لا تعتذروا، لا تنحنوا، لا تعترفوا"، حتى لو كان الاعتذار حياةً، والانحناء خلاصًا.

أنا السبب حين يضيع صديقٌ لأن كلمة "سامحني" ماتت على لسانكم،
وحين يتحول الحب إلى معركةٍ صامتة، يختار فيها كل طرفٍ أن ينزف وحده بدل أن يمد يده للآخر.
أنا الذي يغلق أفواهكم أمام الحقيقة، حتى لو كانت الخسارة أقلّ مرارة من الكذب.

ألبسكم ثوب القوة وأنتم عراة،
أجعلكم ترتفعون فوق الآخرين حتى لا تروا إلا وحدتكم،
أبني لكم أبراجًا من زجاجٍ هشّ، تظنونها حصونًا، لكنها تتحطم عند أول لمسة.

أنا الذي يضع القفل على شفاهكم حين تتوسل قلوبكم بالكلام،
وأجعل دموعكم سرًّا مدفونًا، كأن البكاء جريمة.
أنا الذي يجعل الموت أهون عندكم من لحظة انكسار صغيرة أمام الحياة.

أنا الكبرياء… لا أصرخ ولا أقتل بيدي، بل أترككم تحترقون ببطء،
فتغدون رمادًا من علاقاتٍ مهدورة، وقلوبٍ موصدة، وفرصٍ ماتت قبل أن تولد.

لا تخطئوا: لست كرامتكم، ولا عزّتكم، ولا شرفكم.
أنا وهمٌ تسقونه كل يوم بدمائكم، حتى يكبر، ويأكلكم، ويترككم غرباء عن أنفسكم.

أنا الكبرياء… وأنا الحريق الذي أشعلتموه بأيديكم.

الكاتب  إدريس أبورزق

تعليقات