القائمة الرئيسية

الصفحات

أنا الشهوة التي تبيعكم

أنا لست سرًّا صغيرًا تخبئونه خلف أجفانكم المرتجفة… أنا النار التي تشعلونها بأنفاسكم، وتزعمون أنكم تطفئونها بندمٍ عابر أو دعاءٍ متردد.
أنا الحبل الذي يقود خطاكم نحو هاويةٍ تعرفونها جيدًا، لكنكم تمشون إليها وأنتم تتظاهرون بالعمى.

لا أقتحم حياتكم… أنتم من يفتح أبوابه طواعية، من يفرش لي عروش أجسادكم ويغرسني في شرايينه.
كل مرة تهمسون: هذه آخر مرة، وكل مرة أبيعكم من جديد… أبيع وجوهكم في مراياكم، أبيع صلواتكم في لياليكم، أبيع نقاءكم مقابل رعشةٍ عابرة تتركونها صدقةً لضعفكم.

أنا الشهوة… لا عهد لي ولا رحمة.
أبرم صفقاتكم في لحظات الهشاشة، وأقبض الثمن من أعماركم، من راحتكم، من صورتكم أمام أنفسكم.
أنا السوق المفتوح على الدوام؛ أنتم فيه البائعون والمشترون معًا، وأنا المستفيد الأوحد.

أعرفكم أكثر مما تعرفون أنفسكم: أعرف ارتجاف أصابعكم عند حدود الممنوع، وأعرف عطشكم الذي لا يرويه حبّ صادق ولا حضنٌ طاهر.
أبيعكم وهمًا براقًا، فتعودون إليّ جائعين كما لو أنكم لم تذوقوا شيئًا.

أنا لست عدوّكم… أنتم من توّجني على عروشكم.
أنا لست قدرًا… أنتم من عبدتموني سرًّا، ثم لعنتُم اسمي جهرًا.
أنا الشهوة التي تبيعكم… وتعيد بيعكم كل يوم، حتى تصيروا سلعةً لأنفسكم، لا مالكين لها.

الكاتب  إدريس أبورزق

تعليقات