كنت أظنني لا أُجيد الكراهية.
أنني من أولئك الذين يُسامحون بسهولة، ويعبرون فوق الإساءات بلباقة، ويمنحون الآخرين مئة عذر قبل أن يُفكروا في الغضب.
كنت ألوذ بالصمت كلما جُرحت،
أُجيد الابتسام وأنا أنزف من الداخل،
وأردد مع نفسي جملةً أخلاقية:
"كن نبيلاً… لا تُشبههم."
لكنني كنت أكذب.
ليس عليهم… بل على نفسي.
في داخلي،
غرفة مغلقة،
لا يدخلها أحد.
ولا أعرف متى بدأت،
لكنني أعلم أنها لم تكن فارغة قط.
كل خيبة،
كل طعنة لطيفة بصوتٍ منخفض،
كل تجاهل قُوبل بسكوتي،
وكل مرة ابتسمت فيها بدلًا من البوح…
كانت تتسرّب إلى هناك.
غرفة الكراهية.
هادئة.
مظلمة.
لا أحد يرى جدرانها، ولا حتى أنا…
لكنني أشعر بها، تنبض.
كنت أظنني أصفح.
لكنني فقط كنت أؤجّل.
وأكتم.
وأتظاهر.
والكتمان الطويل لا يُطهِّرنا…
بل يُلوّثنا من الداخل.
صرت أختنق من سماع أسمائهم،
ينقبض صدري من مجرد مرورهم في ذاكرتي،
أُبغض نبرة أصواتهم، ضحكاتهم،
بل حتى تلك اللحظات الجميلة التي جمعتني بهم… صارت تؤذيني.
ومع ذلك…
ما زلت أبتسم حين أراهم،
أقول: "لا شيء… لقد نسيت."
لكنني أعلم — تمامًا —
أنني لم أنسَ.
ولم أسامح.
وأن تلك الغرفة…
ما زالت تمتلئ.
وأخشى — كما يخشى كل من يشبهني —
أن يأتي يوم لا أستطيع فيه أن أغلق الباب.
وأن تخرج الكراهية،
على هيئة شخصٍ لا يُشبهني،
لكنه… كنتُ أنا،
طوال الوقت.
تعليقات
إرسال تعليق