-------------------------------------------------------------------------
بقلم/ د. حنان حسن مصطفي
في موضع الجرح، لا يبقى إلا الأثر.
أثر الغياب، أثر الخذلان، أثر الجرح النرجسي.
ويا للعجب من هذا الكائن البشري، الذي يسير بين الناس باحثًا — دون وعي — عن يدٍ تُمسك بنفس السكين التي أحدثت أول جرحٍ في روحه، سكينٍ يحمل الشبه ذاته، القسوة ذاتها، النصل ذاته، وكأن التكرار طريقٌ للخلاص.
يبحث العقل عن إعادة تمثيل المشهد، أملاً في إصلاح حكمٍ داخليٍّ زائف، نسجه الخيال في لحظة ألم. فيُخدع المرء في التفسير: يرى السكين أداةً للدفاع لا للعدوان، ويرى القسوة قوّةً لا أذى. يطابق المشهد القديم بالجديد، ظنًّا منه أنه بترميم الصورة، سيبرأ الجرح. وما يحدث في الحقيقة، هو نزيفٌ أعمق، وانكشافٌ لما توهّم أنه شفاء.
لكنني، من قلب التجربة، أقول لك:
ستُجرَح مرةً تلو الأخرى، ما دمتَ تُنكر ملامح الألم، وتُعمِي بصيرتك عن حقيقة حامل السكين.
وحده الألم المتكرر يصقل النظر.
وحدها الانتكاسات تفتح العين لترى النصل في وضح النهار، لترى تلك النظرات الباهتة التي تواري خيانة تحت رماد اللامبالاة.
عندها فقط، تصبح رؤيتك حادة كالنسر ، قادرة على التمييز.
وتكتسب قدرتك على الحماية الذاتية لا من العدو، بل من وهم الأمان في وجهٍ يُشبه الماضي.
حين تنقطع الحاجة لإصلاح الماضي في جسد الحاضر، يبدأ التعافي الحقيقي.
فلا خلاص إلا بالوعي،
ولا شفاء إلا بانسحابك الكامل من مسرح إعادة التمثيل.
منقول،،،،،،
@إشارة
تعليقات
إرسال تعليق