الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
اليوم يطلّ علينا يوم مختلف، يوم بنكهة الفن والصورة والحلم، يوم عيد ميلاد المبدع محمود طارق، المصمّم الذي صار اسمه علامة فارقة في عالم البوسترات الفنية والإعلانات السينمائية والتلفزيونية. ما عاد عيد ميلاده مناسبة شخصية عابرة، بل تحوّل إلى حدثٍ يحتفل فيه الوسط الفني بواحدٍ من صنّاع الصورة الذين يختبئون خلف الكواليس ليضيئوا وجوه النجوم في عيون الجماهير. في عالم الفن، قد يلمع الممثل والمطرب والمخرج أمام الكاميرات، لكن هناك دومًا مبدع صامت يقف خلف هذه الصورة البراقة، يملك عينًا تلتقط الجمال قبل أن يراه الآخرون، وقلبًا يعرف كيف يحوّل فكرة إلى لوحة تبقى في الذاكرة. ومحمود طارق هو هذا المبدع الذي جمع بين التقنية والإحساس، بين مهارة التصميم وروح الفنان العاشق للفن والنجوم.
على مدى سنوات، اشتغل محمود على عشرات البوسترات التي صارت بمثابة بطاقة تعريف للأعمال الفنية. كل ملصق يحمِل توقيعه هو رسالة بصرية كاملة، يقرأها الجمهور قبل أن يسمع الحوار أو يشاهد المشهد الأول. يكفي أن يرى المتابع بوستر من أعماله ليشعر أنّه أمام قصة متكاملة، مليانة حياة وتفاصيل ودهشة. النجوم الكبار يعرفون هذا السر، لذلك صار اسمه مطلوبًا لكل عملٍ يسعى لأن يكون لامعًا منذ اللحظة الأولى لإطلاقه، لأن البوستر ليس صورة وحسب، بل وعدٌ للجمهور، وهذا الوعد مع محمود طارق يجي دايمًا بمستوى يليق بالشاشة الكبيرة أو بموسم درامي جديد.
عيد ميلاد محمود طارق مش مجرد شمعة تنطفئ أو كيكة مزينة بالصور، هو مناسبة لتكريم رحلة شغف طويلة. رحلة شاب بدأ يحلم في غرفته الصغيرة، يتعلّم ويدرس ويجرّب ويخترع، قبل ما يصير الرقم الصعب في مجال تصميم البوسترات للنجوم والأعمال الضخمة. ومن أجمل ما يميزّه إنّه ما بيتعامل مع التصميم كمجرّد شغل، بل بيعيش كل مشروع كأنّه بطولة خاصة فيه. بيقرأ السيناريو أحيانًا، بيسمع الأغاني إذا كان الألبوم غنائي، وبينقّي أدقّ التفاصيل ليخلق صورة تقول كل شي من دون ما تحكي ولا كلمة.
في الوسط الفني، قليل كتير المصممين يلي بيحافظوا على هويتهم البصرية من غير ما يكرروا حالهم. ومحمود قدر يكون عنده شخصية فنية واضحة، مع بصمة خاصة بتعرفها العين قبل ما تشوف التوقيع. الألوان عنده إلها روح، وتوزيع العناصر على البوستر دايمًا بيحكي عن عين هندسية محترفة، وجرأة مدروسة ما بتوقع بالمبالغة. هيدا السبب ليش صار اسمه محبّب عند المنتجين والمخرجين وحتى النجوم يلي بيتسابقوا إنّه يشتغل على صورهم الرسمية.
بهاليوم المميز، ما فينا إلا ما نتمنى لمحمود طارق عيد ميلاد مليان حب ونجاح وإلهام. لأنه بكل بساطة، نجاحه ما بيوقف عنده، بل بينعكس على كل عمل بيطلّ علينا بصورة أرقى وأجمل. وبزمن صارت الصورة فيه أسرع وسيلة للتأثير، يضلّ محمود واحد من الحراس السحريين لهاللحظة الأولى يلي بتخلي الجمهور يقول: "هالعمل بدي شوفه".
عيدك سعيد يا محمود طارق، وكل سنة وإبداعك يكبر أكتر وأكتر، لأن الصورة الحلوة يلي بتصنعها ما بتعيش يوم أو أسبوع، بل بتصير جزء من ذاكرة الفن نفسها.
تعليقات
إرسال تعليق