القائمة الرئيسية

الصفحات

أنام لأن الحياة تستريح مني

أنام،
لا لأن التعب نال مني، بل لأمنح العالم فرصةً ليلتقط أنفاسه منّي.
أنام لأنني أشعر — في أعماقي — أنني عبء حتى على الحياة نفسها.

لا أحد ينتبه حين أغفو، لا شيء يتوقف، لا أحد يفتقد حضوري.
وكأن غيابي راحة، وكأن وجودي خلل مؤقت… يسهل تجاوزه بالنوم.

كلما استيقظت، شعرت كأنني عُدتُ من منفى.
منفى داخلي لا أحد رآه… ولا أحد سيهتم إن طالت إقامتي فيه.

أدركت مبكرًا أنني لا أُثقل على الآخرين فقط بكلامي، بل بصمتي، بحزني، بأسئلتي التي لا أطرحها.
أشعر أنني زائدٌ عن كل شيء،
عن الطمأنينة، عن طاولة العائلة، عن المواعيد، وحتى عن صور الأصدقاء.

في النوم،
لا يُطلب مني أن أبرر وجعي،
لا ينتظر أحد مني أن أكون على ما يرام،
ولا يُخيّبني أحد إن غبت.

النوم هو الشيء الوحيد الذي لا يسألني:
"لِمَ لزمتَ هذا الصمت؟"
ولا يلومني إن انسحبت بصمت.

أحيانًا لا أخشى الموت، بل أخشى الاستيقاظ.
لأن اليقظة تُعيدني إلى واقعٍ أجهل فيه لماذا أنا هنا،
وماذا يُفترض أن أفعل بهذا القلب الممتلئ بالحذر… والحنين.

حين أنام،
أشعر كأن الحياة تقول لي بهدوء:
"شكرًا… كنت أحتاج أن أرتاح منك قليلًا."

وأنا؟
أبتسم لهذا الغياب،
لأنني أخيرًا فعلت شيئًا لا يُزعج أحدًا…
حتى الحياة.

الكاتب  إدريس أبورزق

تعليقات