القائمة الرئيسية

الصفحات

خاطرة تعبت من الوقوف في منتصف كل شيء

تعبت من الوقوف في منتصف كلّ شيء

تعبت…
لكن لا أحد يلاحظ.
تعبت من أن أكون حاضرًا بما يكفي لئلا يُقال إنني غائب،
وغائبًا بما يكفي لئلا يُفتقدني أحد.

أقف في المنتصف دائمًا…
لا جهة ترحب بي، ولا جهة ترفضني تمامًا.
كأنني عالق بين بابين، لا يُفتحان ولا يُغلقان.
لا أمضي إلى الأمام، ولا أعود إلى الخلف،
فقط أستهلك ما تبقى مني… وأنا أزيف الثبات.

تعبت من أن أكون نصف ابتسامة، نصف راحة، نصف علاقة، نصف قرار.
أن أكون المتماسك في عيون الجميع، والممزق في داخلي.
أكبت انكساري، حتى لا تُحرج شظاياي الآخرين.

كل شيء في حياتي مؤقت…
فرحي، وجودي، موقعي في قلوب الناس.
أنا الشخص الذي يُؤجل حزنه، كي لا يُزعج أحدًا،
ويخفي ضعفه، كي لا يُقلق أحدًا،
ويُجيد الصمت، لأن لا أحد فعلًا يُصغي.

حتى حين أحببت، كنتُ أحبّ بنصف قلبي،
أخاف أن أمنح النصف الآخر، فيخذلني أحدهم.
وحين ودّعت، تركت الباب مواربًا،
كأنني لا أجيد الرحيل، ولا أحتمل البقاء.

أنا ذلك الذي يُجيد الاستماع للجميع…
لكن لا أحد يسأله: "كيف حالك أنت؟"
من اعتادوا مني الاتزان، لا يتوقعون سقوطي،
ومن اعتادوا مني الصبر، لا يتخيّلون صرختي.

أنا مرهق من أن أكون "المؤقت" في كل شيء.
من أن أُؤجل قراراتي، انفعالاتي، رغباتي… حياتي.
كأنني أعيش على الهامش، فقط كي لا أُزعج النص.

هل تعلم ما يؤلم؟
أنني حين قررت أخيرًا أن أختار،
لم أعد أعرف ما الذي أريده أصلًا.
لأني، ببساطة، تعودت أن أكون في المنتصف… حتى من نفسي.

الكاتب  إدريس أبورزق

تعليقات