لا يصرخون…
ولا يبكون في العلن.
ولا يُسعفهم أحد.
هؤلاء الذين يسقطون وهم واقفون،
يمشون بثبات، وظهورهم مستقيمة،
لكن في داخلهم…
كل شيء مائل.
يعملون، يضحكون، يسألهم الناس عن حالهم،
فيجيبون بابتسامة مُتقنة:
"أنا بخير."
بينما أرواحهم تتمزق في صمت،
مثل ورقةٍ قديمة خُذلتها الشمس وكتمها الغبار.
الذين يسقطون وهم واقفون،
لا يُسمع لهم صوت ارتطام،
لأنهم لا يسقطون دفعة واحدة،
بل يتآكلون ببطء… في أماكن لا يراها أحد.
يأكلهم الهمّ في هيئة صمت،
والخذلان في هيئة نشاط زائد،
والوحدة في هيئة نضج مبكر.
لا يطلبون المساعدة،
لأنهم تعلّموا منذ زمن
أن طلب النجدة… لا ينقذ من الغرق،
بل يكشف للناس كم أنت هش.
يعيشون مع الكسر كأنه طبيعتهم،
يعيدون بناء أنفسهم كل ليلة،
ثم ينهضون في الصباح كأن شيئًا لم يحدث.
لا أحد يعرف كم مرة ماتوا داخليًا،
وهم يتحدثون عن الطقس،
أو يضحكون على نكتة عابرة،
أو يقدمون القهوة لمن يحبون.
هم أقوياء…
لكنهم يدفعون ثمن تلك القوة وحدهم.
يسقطون ببطء،
وفي كل مرة، يبتسمون أكثر…
حتى لا يراهم أحد وهم ينهارون.
تعليقات
إرسال تعليق