مقابلة : الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
يحتفل النجم الكبير علاء مرسي بعيد ميلاده هذا العام بطريقة مغايرة تمامًا، ليس على طاولة مليئة بالهدايا، ولا وسط زحام التهاني التقليدية، بل عبر حوار داخلي يحمل ملامح من الصدق، والبوح، والتأمل في سنوات العمر التي مضت، وتلك التي ما زالت تنتظر.
وفي لحظة صادقة أقرب إلى الاعتراف منها إلى الإجابة، قرر علاء أن يفتح أبواب ذاكرته ومشاعره ويمنحنا إطلالة نادرة على ما يدور في داخله، من خلال سلسلة أسئلة خفيفة الظل، لكنها حملت بين سطورها دلالات كبيرة.
نسخة أصغر منه... على باب العمر
"تخيّل إن باب بيتك خبط في عيد ميلادك... وفتحت، فـ لقيت نسختك الأصغر واقفة قدامك، إيه أول جملة هتقولها له؟"
رد علاء دون تردد، وكأنه كان يُحضّر لهذا اللقاء منذ زمن:
"هقوله: انت إنسان كويس... وأنا عارف. بس مهمل في تقدير نفسك. وده مش صح."
هي جملة تختصر الكثير. لا أحد يعرف الإنسان أكثر من نفسه، وعلاء بدا وكأنه يُعاتب نفسه الماضية، لا عن خطأ ارتكبه، بل عن تقصير تجاه ذاته.
ثم أضاف برقة:
"وأقوله كمان: كل سنة وانت طيب..."
تحية عمر... من الكبير للصغير. من من عرف الطريق، لمن بدأ يخطو عليه.
هل يجيد علاء مرسي تجسيد... علاء مرسي؟
سؤال بدا بسيطًا، لكن إجابته كانت قاطعة تحمل الكثير من المعاني:
"لو قُدر لك تمثل دورك في فيلم عن حياتك، هل هتجسّد نفسك بصدق؟"
علاء قال:
"مش هعرف أمثل نفسي."
الصدق هنا لا يُقاس بالكلمات، بل بالعجز عن التمثيل أمام الحقيقة. هو الممثل، لكنه يعلم أن بعض الشخصيات لا تُجسد أمام الكاميرا... بل تُعاش.
مدينة الملاهي... ومشهد من واقع الحياة
ولأن العيد ميلاد يحمل في طياته رمزية "اللعب بالعمر"، سألناه: لو كانت الحياة مدينة ملاهٍ، أي لعبة كنت هتركبها في يومك ده؟
قطار الموت؟ الدولاب الطائر؟ بيت الرعب؟
وكان رده بسيطًا، لكنه موجع في عمقه:
"مبحبش الملاهي."
من يملك حساسية الفنان وروحه، يدرك أن الحياة نفسها مدينة ملاهٍ كافية، مليئة بمفاجآت لا نختارها، وضحكات لا تكتمل... وقطارات لا تتوقف.
لوحة بعنوان: "علاء في عمر جديد"
في لحظة فنية خالصة، سألناه عن شكل لوحة تمثل عمره الجديد. كيف سيرسمها؟ وماذا يضع فيها من رموز؟
هل يفضل الألوان الناعمة أم الخطوط القاسية؟ ومن يستحق التوقيع معه في هذه الرحلة؟
ابتسم وقال:
"هرسم خطوط ناعمة... حادة... مستقيمة... ودوائر."
ليست مجرد أشكال هندسية، بل تعبير بصري عن رحلته.
الخطوط المستقيمة هي ما تعلمه من الالتزام.
الحادة تمثل المواجهات.
الدوائر ترمز للدروس المتكررة.
والنعومة... تلك طبيعته رغم كل شيء.
أما عن من يستحق أن يوقّع معه هذه اللوحة، فقال دون تردد:
"كل اللي قدرني بصدق."
علاء مرسي... رجل يعرف قيمة الزمن
ما بين جملة تعاتب النفس، وإجابة تُقرّ بالعجز عن تمثيل الذات، ورغبة في عدم الركوب في ألعاب الحياة، رسم علاء مرسي ملامح لرجل يعرف قيمة الزمن.
لا يحتفل بعيد ميلاده بالورود فقط، بل بالتأمل، والتقييم، والامتنان لكل لحظة كان فيها صادقًا مع نفسه، حتى لو تأخر في منحها ما تستحق.
هو نجم لا يحتاج لمشهد تمثيلي ليبهرنا، يكفي أن يتحدث بصدق ليصل إلى القلب قبل أي عدسة.
تعليقات
إرسال تعليق