الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في زمن فيه التمثيل صار استعراض، والمشهد صار لعبة مونتاج، طلع ممثل… مش بس صادق، بل صاعق. مش بس حافظ، بل حافظ على التوازن بين الواقعية والسحر. ما بيحكي كثير، بس بيخلي الحوار داخلك. ما بيغضب، بس بيترك وراك شبهة. ما بيبكي، بس دمعته بتظهر على خدّك. من هو اللي مش بس بدخل اللوكيشن… بل بدخل عقلك؟ من هو اللي ما بيخلق المشهد… بل بيكسر داخلك مشهد كنت فاكر إنه نسيته؟
اللغز الأول: من هو الرجل الذي لا يطلّ من الشاشة… بل يتسلل من تحت جلدك؟ ما حدا ناداه “البطل”، بس كل مرة بيظهر فيها، العالم بتكزّ، بتسمّ، وبتفكر مرتين قبل ما تصدق أي حوار. من هو اللي كل لقطة منه فيها احتباس نفس؟ من هو اللي مشهد حضوره بيكون أقوى من أي مشهد دامي؟ من هو اللي ما بينقال عنه "ممثل بارع" لأنه ببساطة… هو المشهد نفسه؟
اللغز الثاني: من هو الفنان الذي لا يربّي مشهد… بل يربّي جرح؟ ما بيبحث عن اللقطة الأقوى، بل اللقطة الأصدق. ما بيجرح ليصير شرير، بيجرح لأنه الحقيقة أحيانًا موجعة. من هو اللي بتكرهه بالشخصية… وبتتمنى تحكي معه بالحقيقة؟ من هو اللي لو قال "أنا آسف" بمشهد، بتشعر إنك بدّك تبكي رغم إنك مش الضحية؟ من هو اللي جرحه الفني أنيق… وألمه تمثيلي خالص؟
اللغز الثالث: من هو اللي ما بينام بين الحلقات… لأنه ببساطة عم يعيش في مخيّلتك؟ بتسأل حالك بعد الحلقة، هو مزعل؟ هو كذّاب؟ هو طيب؟ بس الأهم… هو أنا؟ بتصحى اليوم اللي بعده ولسا عم تفكر فيه. بتحاول تهرب من شخصيته، بتقلب القناة، بتشوف مسلسل تاني… بس عينك دايمًا بتفتّش عنه. من هو اللي بيفرض وجوده على ذاكرتك؟
اللغز الرابع: من هو اللي مش بس حاكى الكاميرا… بل حاكى الهواجس؟ كل ما تقول خلص فهمته، بيصدمك بتغيّر نظرة، كل ما تقول عرفته، بيسحبك لمعركة جديدة مع ذاتك. من هو اللي بيقدّم كل مشهد وكأنّه قرار وجودي؟ من هو اللي بيخلي مشهد حواري عادي يتحوّل لفيلم نفسي داخلي؟ من هو اللي ما بيصرّح عن مشاعره… بس بيخليها تهاجمك بصمته؟
اللغز الخامس: من هو الرجل الذي لا يضحك ليُسعدك… بل ليخيفك؟ الضحكة عنده مش فكاهة… إنذار. الابتسامة مش مودة… سيناريو مخبّى. من هو اللي إذا قال جملة بسيطة… بتقعد تحللها متل عقد قانوني؟ من هو اللي بيخلّي كل تعبير وجه يتحوّل لنظرية سلوك بشري؟
اللغز السادس: من هو الذي لا يلعب دور الزوج… بل يخلي كل متزوج يشكّ في مرآته؟ مش لأنه شكّاك… بل لأنه صادق لدرجة الانزعاج. مش لأنه غامض… بل لأنه شفاف لدرجة التهديد. من هو اللي إذا لعب دور الشريك… بتصير أنت تسأل: "هل أنا أصلاً بعرف مين بعيش معه؟" من هو اللي إذا قال "بحبك"، بتحسها مرة… وبتخاف منها عشرة؟
اللغز السابع: من هو اللي مشهد واحد إلو، بينسف عشرين مشهد لغيره؟ ما عنده حاجة يصرخ، أو يكسر، أو يبكي بصوت… بيكفي يقول "أنا مش مرتاح" لتبدأ فيك هزة أرضية داخلية. بيكفي يوقف ع باب، أو يمد إيده على كرسي فاضي، ليفتح ملفات كامنة جواتك. من هو اللي بيخلّي كل حركة منه تشبه حركة بحدسك؟
اللغز الثامن: من هو الرجل الذي يُجيد تمثيل الحقيقة… لدرجة إنك بتصير تشك إذا تمثيله هو الكذب الوحيد اللي صدّقته؟ من هو اللي ما بيصرّح بالحقيقة… بل بيهمس فيها؟ من هو اللي ما بيزيف المشهد… بل بيتركك تكتشف كذبتك؟ من هو اللي عايش بين التوتر والإتقان كأنّهم إخوة؟
اللغز التاسع: من هو الفنان اللي لو اختفى عن الشاشة… بيضل صوت صمته عم يرنّ برأسك؟ مش لأنه صاخب… بل لأنه ثقيل المعنى. مش لأنه حاضر… بل لأنه فاصل بين الجمال والشك. من هو اللي ما بيطلب منك تصفقله… بس بيخليك تسكت؟ من هو اللي وجوده علامة استفهام… واختفاؤه علامة تعجّب؟
اللغز العاشر: من هو اللي بيبدأ اسمه بحرف "أ"، لكن وجوده لا يُختصر بحرف، بل بجملة طويلة من القلق الجميل؟ من هو اللي إذا وقف ع الكاميرا، حسّيت إنك واقف قدام نفسك؟ من هو اللي مش مجرد ممثل… بل خريطة نفسية مفتوحة؟
اللغز الحادي عشر: من هو اللي ما عنده مشهد مفضل… لأنه ببساطة كل مشهد إلو هو مرآة لخيبة جواك؟ من هو اللي صوره مش ترويج… بل توثيق لجريمة شعور؟ من هو اللي وجوده بكل بساطة… هو اللغز؟
اللغز المفتوح للجمهور: من هو اللي بمسلسل عن الأصدقاء، صار هو الخصم؟ بمشهد عن العائلة، صار هو الكسر؟ بحكاية بودكاست، صار هو الصوت الخفي اللي ما بيتسجل بس بيتردد جواك؟ من هو اللي بتمثيله فتح فيك شباك ما كنت عارف إنه موجود؟ من هو اللي كل سطر بيحكيه، هو سطر ناقص في روايتك؟
ما جاوبت؟ رجع شوف الحلقة… بس شوف حالك فيها أول.
تعليقات
إرسال تعليق