القائمة الرئيسية

الصفحات

هوامش على دفتر الوحدة

لا يكتب في منتصف الصفحة.
دائمًا على الهوامش…
كأن شعوره لا يليق به أن يكون واضحًا، أو في الواجهة.

كلماته خفيفة،
كأنه يعتذر من الورق وهو يكتب.
لا يتحدث عن نفسه مباشرة،
بل عن المطر، عن انقطاع الكهرباء،
عن فنجان قهوة برد قبل أن يشاركه أحد.

لكنه، في العمق،
يكتب عن وحدته.
بطريقته الخاصة…
بطريقته الصامتة.

كل جملةٍ تبدو عابرة،
لكنها تنزف في الداخل كطعنة لم تجد صوتًا يفسرها.
هو لا يقول ما يؤلمه…
بل يكتبه بشكل لا يلفت الانتباه.

صفحات كثيرة بيضاء،
ليالٍ كثيرة لم يجد فيها ما يُكتب،
وأيام كثيرة تكررت حتى فقدت أسماءها.

في الهامش الأيسر، كتب:
"لا أحتاج من يسمعني… فقط، أريد أن أقول شيئًا دون خوف."

وفي الهامش الأيمن:
"الأشياء التي لم تحدث… تؤلمني أكثر من تلك التي حدثت."

دفتره بلا عنوان، بلا تسلسل،
كأنه يشبه حياته تمامًا:
مبعثرة، صامتة، مليئة بشيء يشبه الحنين…
لكن لا يعرف إلى ماذا.

كلما حاول أن يكتب في منتصف الصفحة،
ارتجف القلم بين أصابعه،
كأن الوحدة تخاف الضوء…
وتحب أن تختبئ.

فاختار أن يبقى صديقه الوحيد هو الهامش.
هناك، فقط،
يمكنه أن يكتب دون أن يُسأل،
أن يتكلم دون أن يُقاطَع،
وأن يبكي… دون أن يُرى.

الكاتب  إدريس أبورزق

تعليقات