في المجتمعات المؤمنة بدور المرأة وحقها في الحرية ، تتجلى المرأة بثقة وطموح لا حدود له.
فهي واعية ، مبادرة ، مبدعة ، صاحبة فكر ومنهج ، تمتلك أدواتها الفكرية والتنظيمية ، وتستثمر في قدراتها لتنجز وتبدع.
إنها الأم ، المعلمة والموجه الأول في الأسرة ، ومصدر اللغة والهوية والإنتماء .
المرأة لم تعد كائناً ينتظر دوره ، بل أصبحت هي الدور. في كل بيت ومؤسسة وشارع ومدرسة ومسرح ومنبر . لم تكتفِ بالمطالبة بالمساواة ، بل تجاوزت هذه النقطة إلى تبنّي منهج تحرري شامل ، مناهض لعهود من الهيمنة الذكورية التي خلّفت وعيًا مجتمعيًّا مشوَّهًا .
إن المرأة الحرة لم تعد تقيس نجاحها بمقارنة عددية مع الرجل ، بل باتت تقيسه بما تصنعه من تحوّلات حقيقية في فكر المجتمع وقيمه ، وفي قدرتها على النهوض بالإنسان والوطن.
فهي لم تعد ترضى بمجرد كسر القيود ، بل تسعى لإعادة تشكيل المفاهيم التي أنتجت هذه القيود .
لقد أثبتت ذاتها في البيت ، في العمل ، في الجامعة ، في الميدان. إنطلقت كطائر الفينيق من رماد الظلم ، في أقسى بقاع العالم فقرًا وبؤسًا وبدعم فكري وفلسفي ناضج ، بدأت تضع نفسها في موقعها الحقيقي داخل معادلة المجتمع ، لا على الهامش بل في قلب المعادلة .
إنها المرأة التي إقتربت من الطبيعة ، وتماهت معها في الخلق والولادة والخصب والتجدد ، وجعلت من هذا التقارب مصدر إلهام لحريتها الفردية والجمعية.
صنعت من نضالها نصوصًا أدبية ، وحقائق سياسية ، ونتاجات ثقافية ، وعروضًا فنية ، وكتبًا تُدرّس ، وسينما تحكي ، وملاحمَ تروى .
وهي لم تنفصل عن تراثها ، بل أعادت قراءته من منظورها ، ولامست قضاياه بأصابعها النابضة بالوعي ، فإستخرجت منه حكمة الإنسان لا سطوة العرف ، وأطلقت صوتها لتبني وطنًا لا يُقصي أحدًا .
المرأة الحرة صنعت لنفسها مكانًا في كل سردية شريفة ، لأنها لم تكن عنصرًا تكميليًا ، بل قوة تغيير أصيلة.
لذلك أصبحت رمزًا عالميًّا ، ومادة أدبية وسينمائية وفكرية غنية ، مثّلت الشرق والغرب بفخر .
لقد تمردت على كل المبادئ والقيم والعادات والتقاليد البالية ، وتحررت من كل مقدّسٍ زائف ، وتجاوزت المحرمات الإجتماعية ، وسارت نحو الشمس حاملة همّ الوطن ، مدفوعة بأمل إنساني عظيم.
فساهمت في التنمية والاقتصاد ، وأطلقت الورشات والمدارس والمبادرات ، وصارت مركز إشعاع في محيطها .
إمرأة تعلّمت من الألم ، وصقلها القهر ، فأصبحت ذات إرادة فولاذية تقود التغيير وتحرث الأرض بيد ، وتحمل راية الفكر باليد الأخرى.
تسعى من أجل مجتمع متساوٍ لا يفرق بين امرأة ورجل إلا بما يقدمه كل منهما من خير .
لم تعد " النسوية " نسبة إلى النساء عندها شعارًا ، بل مشروعًامجتمعيًا شاملًا ، مشروعٌ يقول إن المجتمع ليس نساءً أو رجالًا بل إنسانٌ واحد موحَّد ، لا يُبنى إلا بتضافر الجهود على قاعدة المحبة والسلام والتكافؤ والعدالة .
اليوم …
حان الوقت لأن تقود المرأة قاطرة الحضارة لأن تُنير درب الأجيال القادمة لأن تنطلق في فضاء الإنسانية بعزم لا يلين ، نحو مستقبل لا يُقصيها ولا يُهمّشها.
فالمرأة اليوم ليست ظلًا لأحد ، بل شمسًا مشرقة تُضيء حاضر المجتمعات ومُستقبلها .
تعليقات
إرسال تعليق