القائمة الرئيسية

الصفحات

سيمون والتغيير: لما القلب بيحكي الحقيقة بصوت عاقل وملوّن




الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


بهالبوست الصغير، قدرت النجمة سيمون تقول حِكم بتتخبّى وراها سنين من التجارب، ومواقف، وقرارات ما بين الضوء والعتم، بين اللي راح واللي جايي، بين اللي مضى واللي عم يتشكّل. جملة وحدة قالتها: "الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير المستمر"، وكأنّا عم نسمع فيلسوف من القرون القديمة، بس بصوت أنثويّ ناضج، جاي من قلب اختبر الحياة بحلاها ومرارها، ومن روح بتآمن إنو مافي شي بالدنيي بيضل متل ما هو، إلا إذا نحنا قررنا نضل محلك سرّ.


من زمان، سيمون ما كانت مجرّد ممثلة أو مطربة أو فنانة، كانت دايمًا صوت للوعي، للكرامة، للإحساس العالي اللي مش بس بيوصل من خلال صوت أو مشهد، بل من خلال فكر واضح وثابت، حتى لما كانت بتتغيّر.


 وهي بتقول: "كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم"، هون ما عم تنصح، عم تتكلّم من تجربة، عم تحكي كإنسانة وعَت لعبة التغيير، وبتعرف إنو كل خطوة نحو الأحسن بتبلّش من الداخل، من الداخل اللي ما لازم ينكسر حتى لو تغيّر كل شي حوالينا.


يمكن كتار بيشوفوا التغيير متل عاصفة، متل خطر، متل حاجة مش دايمًا مرغوبة، بس سيمون قدّمتو بشكل ناعم، بشبه رقّة حضورها، قوّة شخصيّتها، وشغفها المستمر تجاه كل تفصيل بالحياة. "ابدأ التغيير الإيجابي من داخلك"، يعني ما تتّكل على الناس، ولا على الظروف، بل على ذاتك، على صوتك الداخلي، على وجعك، على حبّك، على خيبتك،


 على كل شي عشته وعم تعيشو. هي دعوة للثورة، بس من النوع اللي ما بيخرب، من النوع اللي بيبني، من النوع اللي ما بيصرخ، بس بيغيّر وجه الحياة بصمت.


وبتحط سيمون نقطة على السطر، وبتكمّل بكلمة فيها أمل ومسؤولية: "ثم اجعله كدائرة تتسع مع الوقت لتشمل جميع من حولك"، هون منشوف الرؤية الأبعد، إنو مش كافي تغيّر حالك وبس،


 لازم تكون موجة، دائرة، تأثير بيكبر وبنقل التغيير للّي حواليك، لولادك، لأهلك، لأصحابك، لجيرانك، للمجتمع، لكل حدا عم يراقبك ولو من بعيد. لأنو التغيير مش مظهر، التغيير مش بوست، التغيير فعل مستمر، وموجة بتنطلق وبتكمّل.


بس سيمون كمان حطّت خط أحمر واضح: "دون تغيير …..ثوابتك"، وهون بتختصر المعادلة كلها. نعم، كن متجدّد، كن حر، كن مرن، بس لا تنسى مين إنت، شو آمنت فيه من أول يوم، لا تغيّر القيم، ولا تنسى الأصل، ولا تتخلّى عن المبدأ. التغيير مش خيانة للثوابت، بل هو تعزيز إلها، تطويرها، تنقيتها من الغبار، إعادة إحيائها بلغة العصر.


سيمون عم تكتب، بس بنفس الوقت عم تغنّي من خلال كلماتها، صوتها بهالمنشور مش مجرد جملة واعظة، هو ترنيمة حياة، نداء للنهوض، وصوت بيوصل للكل، الكبير والصغير، المتفائل والمتألم، لأنو ما في حدا مش بحاجة يسمع هيك كلمات.


هيك بوست لازم يتعلّق على باب كل بيت، ينكتب ع ورقة دفتر، يترسّخ بعقل كل شخص ناطر يتغيّر شي من الخارج، ونسي إنو المفتاح بإيده هو.


ما في شي ثابت إلا التغيير؟ يمكن، بس الأجمل لما الثابت الحقيقي يكون هو الوعي، الوعي اللي بتمثّلو سيمون، واللي كل يوم بتثبت فيه إنو الفنان مش مجرد مهنة، بل رسالة، ومش كل فنان بيقدر يحمل هي الرسالة بهالوضوح.


 سيمون ما كتبت نص، كتبت مرآة، وشافت فيها حالها، وخلّت الكل يشوف حالو كمان.

وإذا بدّنا نكمّل المعزوفة، فينا نقول: التغيير مش خوف، التغيير مش نهاية، التغيير بداية جديدة، فرصة تاني، نَفَس أعمق. وسيمون، بكل بساطة، هي هيدا النفس.

تعليقات