القائمة الرئيسية

الصفحات

الخسارات التي لا تُروى

كان إذا سألَه أحد: ما بك؟
يبتسم كأنّه بخير…
ثم يقول بصوتٍ مكسور يُجيد إخفاءه:
"لا شيء… مجرّد تعب."

لكنّه لم يكن تعبًا من عملٍ أو سهر…
كان تعب الذين يحملون وجعًا لا اسم له،
ولا تاريخ بداية، ولا وعد بنهاية.

لم يفقد أحدًا بطريقةٍ درامية،
لم تحدث له مأساة تُروى،
لكن كل الذين أحبهم…
انسحبوا من حياته بهدوء.
لم يغلقوا الباب، ولم يودّعوا،
فقط اختفوا،
وتركوه يحدّق في الفراغ،
باحثًا عن لحظةٍ واحدة…
فهم فيها السبب.

لا يحكي كثيرًا،
لا لأنه لا يثق،
بل لأنه جرّب أن يحكي ذات يوم،
فكسروه بكلمة: "كلنا نتعب."

هو لا يبكي،
لا لأنّه لا يشعر،
بل لأنه خاف أن ينهار…
وليس هناك من يجمعه بعد ذلك.

الخسارات التي فيه
لم تُكتب في سيرته،
ولم تُسجّل في ذاكرة أحد،
لكنها هناك…
تنقص منه كل يوم،
تأخذ من ملامحه، من صوته، من ضحكته.

إنه رجل عاش الهزيمة
بطريقتها الأخطر:
التي لا تُرى.

الكاتب  إدريس أبورزق

تعليقات