القائمة الرئيسية

الصفحات

توقفت في منتصف العناق

لم يكن العناق الأول بينهما،
لكنه كان الأخير… دون أن يقول أحدهما ذلك.

كانت تقف أمامه مثقلة،
كأنها لا تبحث عن حضنٍ بقدر ما تبحث عن يقين.
اقتربت منه بخطى امرأة ما زالت تُراهن على ما تبقّى.
وهو… فتح ذراعيه كما يفعل كل مرة،
لكن بشيءٍ ناقص لا يُرى،
ولا يمكن إنكاره.

كانت خفّة العناق أوضح من كل الكلمات.

لم يشدّها إليه،
لم يتنفس قربها،
لم يحتوِها كما اعتاد أن يفعل.
عانقها كما يحتضن أحدهم ذكرى قديمة… لا شغف فيها، ولا دفء.

وفي لحظةٍ لا تُنسى، شعرت به كما لم تفعل من قبل:
كان يحتضنها بجسده فقط،
كأن قلبه في مكان آخر،
كأنها صارت مجرّد عادة… لا حبيبة.

توقّفت.
ابتعدت بخفّة امرأة فهمت الحقيقة من حضنٍ بارد،
ثم نظرت إليه نظرة قصيرة… كافية تمامًا.
نظرة امرأة كانت تتعلّق،
لكنها سقطت فجأة من وهمٍ طويل.

لم تسأله، لم تعاتبه،
لأنها عرفت:
الحقيقة لا تحتاج إلى شرح،
هي تهبط على القلب فجأة،
بهدوءٍ قاسٍ… لا يُمحى.

عادت إلى غرفتها في تلك الليلة،
أغلقت الباب على نفسها،
ولم تبكِ.
فقط كتبت في مفكّرتها:

"بعض الخيبات لا تأتي بكلمات جارحة،
بل بعناقٍ ناقص…
تفهم فيه أن من أحببته قد غادرك،
دون أن يتحرّك من مكانه."

الكاتب إدريس أبورزق

تعليقات