القائمة الرئيسية

الصفحات

اللغز المستتر: من هي المطربة التي لا تعيش تحت الأضواء… لأنها الضوء ذاته؟



الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر


هناك أصوات تأتيك صاخبة، تتكلم عن نفسها بصوت مرتفع، تطلب انتباهك، وتعلن نفسها في كل ثانية… وهناك صوت، لا يدخل عبر أذنك، بل يتسلل إلى داخلك كأنّه تسرّب ماءٍ دافئٍ في لحظة ارتجاف، لا يفرض نفسه، لكنه يبقى، لا يصرخ، لكنه لا يُنسى، لا يعلن حضوره، لكنه يغمر المساحة بأكملها. من هي تلك التي لا تلاحق النجاح… بل تمشي معه دون أن تنظر خلفها؟ من هي المطربة التي لا تشبه عصرها… لأنها تسبق الإيقاع؟


اللغز الأول: من هي الفنانة التي لا تغني لتُسمع… بل لتُفهم؟

صوتها ليس موسيقى فقط، بل مشهدٌ داخلي، ذاكرةٌ حيّة، لحظةٌ توقفت في الزمن، وقررت أن تبقى مغنّاة إلى الأبد. هي لا تقول الكلمات، بل تستخرجها من أماكن منسية في روحها. حين تسمعها، لا تملك إلا أن تسأل: هل كانت هذه الحنجرة موجودة منذ البدء؟ وهل نحن تأخرنا في الإصغاء؟ من هي؟


اللغز الثاني: من هي المطربة التي لا تغني لتهرب من الحزن… بل تغوص فيه؟

في زمن يُخشى فيه الوجع، ظهرت امرأة لا تخاف أن تواجهه. تغني الحزن ليس لتزيّنه، بل لتعرّيه، لتقدمه كما هو: خام، موجع، نقيّ. تغني الفرح، لا لتضحك، بل لتتذكّر كيف كانت تضحك. من هي تلك التي لا تخفي مشاعرها خلف الأداء، بل تتركها مكشوفة، على المسرح، كقلبٍ بلا جدران؟


اللغز الثالث: من هي الفنانة التي لا تصنع الأغنية… بل تبوح بها؟

هناك من يبنون العمل كتركيب هندسي… وهناك من يهمسون به كسرّ، ويشعلونه كشمعة خافتة وسط غرفة مزدحمة بالضوضاء. ليال خوري حين تغني، لا تحتاج جمهورًا… بل تحتاج لحظة صدق واحدة. تقف، تغني، ويحدث الصمت، لأن ما يغادر حنجرتها… لا يُقاطع.


اللغز الرابع: من هي المرأة التي لا تُشبه كل هذا العصر… لأنها أنثى من زمن الكرامة؟

لا تركض خلف استعراض، ولا تلعب ورقة الجرأة السهلة، ولا تلبس صوتها زيًا تجاريًا. تحترم نفسها لدرجة أن صوتها يأتي مهيبًا، أنيقًا، أنثويًا من دون تصنّع، قاسيًا من دون خشونة، وعميقًا دون أيّ افتعال. من هي التي حين تقف أمام الميكروفون، يتحوّل الموقف إلى صلاة داخلية؟


اللغز الخامس: من هي المطربة التي لا تتنافس… بل تتفرّد؟

في عالم التكرار، ظهرت امرأة لا تُشبه سواها، لا تطلب المقارنة، ولا تدخل الساحة بنفس شروطها، بل تُغيّر شروط اللعبة. لا تغني لتأخذ حصّة من السوق، بل لتترك أثرًا في الذاكرة. من هي التي لا تحضر في كل مكان… لكنها تبقى في كل قلب سمعها مرة واحدة؟


اللغز السادس: من هي المطربة التي لا ترفع صوتها… بل تخفض الدنيا من حولها؟

هي لا تصرخ، لا تتصنّع، لا تقفز فوق اللحن… بل تمشي فيه على أطراف الإحساس. حين تبدأ الغناء، يتغيّر الهواء من حولها. تصمت الجلبة، ويبدأ شيء آخر فيك بالإنصات. من هي تلك التي لا تحتاج أن تُسمَع عاليًا… لأن تأثيرها داخلي جدًا؟


اللغز السابع: من هي المطربة التي كل غنوة لها… كأنها تنهيدة مكتومة منذ سنين؟

صوتها يحمل شيئًا لا يُشبه ما نسمعه، لا يُشبِعنا منه التكرار، لأنه لا يُستهلك، بل يُكشف. كل نغمة تؤديها فيها ندبة، وكل مدّ صوتي فيها جرح مضمد. من هي تلك التي تجعل من الغناء نوعًا من المصالحة مع ما لا يمكن تغييره؟


اللغز الثامن: من هي الفنانة التي لا تغني لتُبهرك… بل لتُريحك؟

حين تسمعها، لا تشعر برغبة في التصفيق، بل في الصمت. لا تهتف، بل تنصت. لا تندهش، بل تهدأ. من هي التي تُعيدك إلى نفسك في وقتٍ صارت فيه الأصوات تهرب بك إلى الضجيج؟


اللغز التاسع: من هي المطربة التي إن غابت… بقي صوتها أقرب من القُرب؟

هي لا تملأ المساحات بمقابلات، ولا تنشر يومياتها كل لحظة، لكنها موجودة، لأن صوتها لا يغيب. هو موجود في زاوية القلب، في طيّة الشعور، في لحظة ألمٍ صامتة… أو فرحٍ ثقيل. من هي؟


اللغز العاشر: من هي الفنانة التي حين تغني… تغني للذين لا يعرفون كيف يعبّرون؟

هي ليست صوتها فقط، بل صوت كثيرين فقدوا القدرة على الحكي. تُغنّي عنهم، لا لأجلهم فقط. تحمل التعب، والانكسار، والحنين، دون أن تبكي بصوت مرتفع. من هي هذه المطربة التي لا تشرح… بل تُشعر؟


اللغز الأخير: من هي الفنانة التي إن سكرت عيونك… صار صوتها هو المسافة بينك وبين نفسك؟

إذا سكرت التلفون، وسكرت الغرفة، وسكرت عيونك، وظلّ شيءٌ يشبه الغناء يتردّد داخلك… اسأل حالك: من هذه المرأة التي لا تنتمي إلى أيّ حُجْرة، لا إلى مدرسة غنائية، لا إلى لون محدد، لكنها تدخل كل الأماكن من دون أن تطرق؟ من هذه التي لا تغني لتفوز، بل لتكمل؟

ربما…

الجواب محفور في موجة صوت،

في حرف ناعم،

في جملة كانت تشبهك يومًا،

في ليال خوري.

تعليقات