الإخبارية نيوز:
بقلم : نبيل أبوالياسين
المشهد السوري يتغير بسرعة، وتتقاطع فيه المصالح وتشتعل نيران الفتنة، ولكن وسط هذا الاضطراب تبرز أصوات الحكمة والعقلانية، بينما تتصاعد التوترات وتتخذ إسرائيل من "حماية الدروز" ذريعة لتوسيع نفوذها في جنوب سوريا، وتصعد من عدوانها، يأتي الموقف السعودي الحازم ليؤكد على وحدة الصف العربي والإسلامي ورفض التدخلات الخارجية، إنها لحظة فارقة، تكشف عن معادن الدول وتحدد مسارات المستقبل.
إسرائيل واللعب بالنار
تتصاعد حدة التوتر في جنوب سوريا، حيث تتخذ إسرائيل من قضية الدروز غطاء للتوسع في المنطقة، فبينما يعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن سياسته "لنـزع السلاح" جنوب دمشق، تشهد المنطقة تحشيدًا عسكريًا للبدو، مما يؤجج الصراع ويدفع بموجة نزوح واسعة، وهذه الاستراتيجية الإسرائيلية، التي وصفها البعض بأنها "على طريقة المافيا"، تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة لتحقيق أهداف توسعية، متجاهلةً التداعيات الإنسانية والسياسية.
سوريا تواجه التحديات
في ظل هذه التحديات، تسعى سوريا جاهدة لاحتواء الأزمة، ولقد سحبت السلطات السورية قواتها من محافظة السويداء، مفسحة المجال لانتشار مسلحين محليين من الدروز، في محاولة لتجنب "حرب واسعة" مع إسرائيل، ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يكمن في التوفيق بين الفصائل المحلية المتصارعة، وخاصةً مع استمرار هجمات مقاتلي البدو على الدروز، وهو ما يسلط الضوء على تعقيد الوضع الداخلي والحاجة الملحة إلى حل شامل يحفظ أمن المدنيين ووحدة الأراضي السورية.
فتيل الفتنة والعمالة: الهجري وشبكة المصالح المشبوهة
في مشهد يُعد بالخيانة والعمالة، أشعل "حكمت الهجري" فتيل الفتنة في السويداء، واستجدى إسرائيل لحمايته، في سعي مكشوف لتقسيم سوريا بمشاركة الكيان الصهيوني، وهذا التحرك جاء تزامناً مع انسحاب الجيش السوري، الذي فضّل عدم الانجرار إلى حرب تسعى إليها إسرائيل بقيادة نتنياهو لزعزعة استقرار المنطقة بأكملها، والآن، وبعد أن سيطرت قوات العشائر العربية على دوار العنقود ودخلت مدينة السويداء، يطالب الهجري بقوات فض نزاع من دمشق، وهنا يطرح السؤال نفسه بقوة: لماذا يطلب الهجري الحماية من الجيش السوري الآن، بعد أن سعى لتقسيم البلاد واستعان بأعدائها؟ هذه التطورات تؤكد على الفراسة والذكاء الذي يمتلكه الرئيس السوري أحمد الشرع، كما أشار الرئيس التركي أردوغان، في التعامل مع هذا الامتحان الصعب، وتبرز ضرورة رحيل جميع القواعد الأمريكية من كافة الدول العربية، كونها تمثل خطراً حقيقياً على شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها.
الموقف العربي-التركي الموحد
في خضم هذه التطورات، برز موقف عربي-تركي موحد يدعم أمن سوريا واستقرارها، ولقد رحب وزراء خارجية السعودية والإمارات ومصر وتركيا ودول عربية أخرى بالتزام الرئيس السوري بمحاسبة مرتكبي التجاوزات في السويداء، ورفضوا التدخلات الخارجية في شؤون سوريا كافة، وهذا التوافق الإقليمي يؤكد على أهمية دعم أمن سوريا ووحدتها، ويدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، التي تشكل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي وتزعزع استقرار المنطقة.
دور السعودية المحوري
في هذا المشهد المعقد، تلعب المملكة العربية السعودية دورًا محوريًا في تهدئة الأوضاع وتعزيز الحلول السلمية، فالمحادثات المكثفة التي أجراها وزراء الخارجية العرب والأتراك تعكس التزامهم بدعم الحكومة السورية في جهود إعادة البناء وضمان أمنها واستقرارها، والاتصالات بين ولي العهد السعودي والرئيس السوري تؤكد على هذا الدور الريادي، وتشدد على رفض الاعتداءات الإسرائيلية ودعم وحدة سوريا وسلامة أراضيها، مما يعكس حرص المملكة على استقرار المنطقة ووحدة شعوبها.
نداء عالمي للعدالة
في ختام هذا المشهد المتشابك، يبقى النداء للمجتمع الدولي للتحرك حاسمًا، فبينما تواصل إسرائيل تحدي القانون الدولي، وتستغل الأزمات لتوسيع نفوذها، يجب على العالم أن يتحمل مسؤولياته، لقد جاء إعلان مجموعة لاهاي بحظر السلاح على إسرائيل وتعهداتها بمحاسبتها على جرائم الإبادة في غزة ليؤكد أن العدالة لا يمكن أن تبقى صامتة، وإن دعم سوريا ووحدتها، ووقف التدخلات الخارجية، ومحاسبة المعتدين، هو الطريق الوحيد نحو بناء مستقبل آمن ومستقر في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
تعليقات
إرسال تعليق