القائمة الرئيسية

الصفحات

كلما ضحكت شعرت أنني أخون حزني

ضحكتي لم تكن يومًا مرآةً للفرح.
كانت غلافًا هشًّا… يغلف الداخل المتصدّع، ويمنعه من الانهيار أمام العيون.

كنت أضحك حين يتحدث الجميع، أسايرهم في النكات، وأبدو طبيعيًا في اللحظات التي يُفترض أن أشارك فيها المرح…
لكن في كل ضحكة، كنت أشعر أنني أطعن حزني في الظهر، وأطلب منه أن يصمت، فقط كي لا أثقل على أحد.

ضحكتي لم تكن ضد الألم…
كانت ضده فقط حين يصبح مرئيًا.

كنت أعلم أنني لست بخير،
لكنني أتقنت دور "المتماسك".
كنت أضحك… وأنا أنكمش من الداخل.

وكلما زادت ضحكتي اتساعًا، زادت وحدتي عمقًا.
كنت أبدو بخير — بل رائعًا — في أعين الآخرين،
لكني كنت أختنق…
كمن يملأ رئتيه بالدخان، فقط كي لا يسعل أمام أحد.

ذات ليلة، بعد جلسة امتلأت بالضحك، عدت إلى غرفتي.
نزعت قميصي كمن يخلع عنه شخصية زائفة.
وقفت أمام المرآة، نظرت إلى وجهي طويلًا…
ثم همست:

"كنتَ تستحق أن تحزن، لماذا خذلت نفسك؟"

لكن لا أحد سمع…
ولم أجد ما أقول.

التمزق الحقيقي؟
أن تضحك وأنت مكسور،
أن ترسم الفرح على وجهك…
وأنت داخليًا تهمس لنفسك: "اصبر قليلًا، لا أحد يريد أن يعرف الحقيقة."

أن تخون حزنك، لا لتخون نفسك…
بل فقط كي لا تُثقل على من حولك.

الوجع ليس في الضحك نفسه،
بل في الصمت الذي يتبعه،
في اللحظة التي تنفرد فيها بنفسك، وتدرك كم كنتَ بعيدًا عنك.

ضحكتي كانت بارعة…
لكني كنت أختفي داخلها،
كل مرة، أكثر من التي قبلها.

الكاتب  إدريس أبورزق 

تعليقات