الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
كل الدني عم تحكي، وكل العيون عم تراقب، وكل القلوب عم تدقّ على نفس الإيقاع... لأنو بمجرد ما تسربت نغمة من أغنيتها الجديدة "أجمل فرحة"، قلبت مها فتوني الطاولة، قلبتها بكل معنى الكلمة، لا بل خلقت زلزال فني بأرض الموسيقى، ما خلى لا تريند ولا تايملاين إلا وانحنى لإسمها، لأنو ببساطة، النجمة العالمية ما بتمشي ورا التريند... التريند هوّي بيمشي وراها، ولما غمزت بصوتا، الكوكب وقف دقيقة صمت!
الجمهور كان بعدو عم يهضّم روعة آخر عمل قدمتو، فجأة بينزل تيزر قصير لأغنية "أجمل فرحة"، واللي ما فيها أي كليب، لا صورة ولا فيديو، بس صوتها، بس نغمة وحدة، بس همسة صغيرة من إحساسا، وكان كفيل ينقل كل مواقع التواصل من حالة سبات لجنون، جنون بيوصل للعظم، لأنو مين متوقع إنو مقطع عشر ثواني يخلّي العالم ترجع تعيد وتشير وتكتب وتغني وتحلم؟ مين غير مها فتوني بيقدر يعمل هيك صدمة عاطفية وفنية بصوتا الخارق اللي بيقطع النفس من أول نوتة وبيخلّي الكل يقول: "هيدي مش أغنية، هيدي حالة حب كاملة!"
والملفت إنو "أجمل فرحة" بعدا ما نزلت رسميًا، يعني بعد ما شفنا شي، بعد ما سمعنا كل الكلام، بعد ما عشنا كل التفاصيل، ومع هيك الأغنية صارت تريند بكل الدول العربية من لبنان لمصر للسعودية وعم توصل لأوروبا وأميركا، وكل هيدا من تسرّب بسيط، فكيف بس تنزل؟ كيف بس تطلقها مها بكامل عناصرها؟ كيف بس يطلع الكليب ويبلّش التفاعل الحقيقي؟ يمكن نحنا على أبواب إعصار موسيقي جديد، إعصار بيشبه مها... ناعم بالشكل، بس صاعق بالمفعول!
أصوات العشاق سبقوا الزمن، صاروا يركّبوا القصص على جملة "أجمل فرحة"، في ناس فسّروها على حب جديد، في ناس قالوا عن رجعة حبيب، وفي ناس شافوا فيها حلم عم يتحقق، وهيدا التنوع بالإحساس بيثبت إنو الأغنية مصنوعة من ذهب، من وجع، من أمل، من لمسة مها اللي دايمًا بتعرف كيف تحكي لغة القلب، وبتعرف أكتر كيف تشحن مشاعرنا بكهربا ما بتنطفي، وما بتبرد، بتضل شاعلة ومشتعلة، متل وهج حضورها على المسرح، متل بريق عيونها اللي بتعكس صدقها.
ومن المعروف إنو مها فتوني مش مطربة عادية، مها مشروع فني عالمي، صوتها بيعرف يسكن بالوجدان، وبيجيد الغوص بأعماق الروح، وهيّي مش بس نجمة، هيّي مدرسة فن، حالة نادرة، ما بتنقارن بحدا، بتغني وكأنو العالم بيسكت ليسمع، والموسيقى بتخضع لحنجرتها كأنها آلة سماوية، والأغرب إنو رغم شهرتها ونجاحاتها السابقة، كل عمل جديد بتحطّو بيكسر اللي قبله، بيعلّي السقف أكتر، وبيفاجئنا أكتر، وكأنها بتتحدى حالها بكل مرّة، ودايمًا بتربح التحدي!
الشارع عم يغنيها قبل ما تنزل، البنات عم يكتبوا كلمات ما عرفوا أصلها، الشباب عم يعملوا ريمكسات، الأطفال صاروا يحفظوا اللازمة من أول مقطع، المحطات عم تستنفر، والمجلات عم تلاحق، والميديا كلها بتسأل: "شو صار؟ كيف صار؟ وليش العالم عم تذوب عهالطريقة؟" الجواب بسيط... مها فتوني هيّي الجواب، هيّي السبب، وهيّي المعنى الحقيقي للـ"أجمل فرحة"، مش بس عنوان أغنية، هيدا عنوان مرحلة، مرحلة فتحتها مها بصوتا، وعم تختم فيها موسم الفن العربي كله، بصوت ما بينوصف، بصدق بيشبه الطفولة، وبطاقة حب ما بتعرف حدود!
وإذا كانت "أجمل فرحة" شغلت الكوكب قبل إصدارها، فهيدا بيعني إنو نحنا قدام لحظة مفصلية بتاريخ الفن النسائي، لأنو مش كل يوم بيطل نجم وبيخطف الأضواء من دون ما يحكي ولا كلمة، من دون ما يعمل بروباغندا، من دون ما يشتري تريند، من دون ما يلعب بالإعلانات، لأنو ببساطة مها ما بدها تشتري شي... هيّي بتنباع لحالها، وبتتفوق على الكل بقوة الفن، مش بقوة الصراخ.
وبين كل هالعجقة، في جملة وحدة عم تتكرر على لسان الكل: "إيمتى بتنزل؟!"... والإجابة؟ قريبة كتير، بس مش قريبة كفاية لقلوبنا اللي عطشانة، ولعقولنا اللي مش قادرة تنام من الانتظار... لأنو لما بتحكي مها، الكون بيسكت، وإذا كانت التقدمة هيك، فكيف رح يكون اللحن، كيف رح يكون التوزيع، كيف رح يكون الكليب، كيف رح يكون الردّ الجماهيري بعد أول عرض؟!
بإختصار، "أجمل فرحة" ما بقت بس عنوان أغنية، صارت عنوان موجة، عنوان حالة، عنوان مها فتوني... النجم اللي لما بيقرّر يغني، بيصير الغناء حالة حب جماعية، وبتصير الدنيا كلها بتدور حوالين صوته، حوالين إحساسه، حوالين الجملة اللي رح تغيّر مزاج يومنا... ومين قال إنو الفن خلص؟ مها عم تقول: بلش من جديد، بلش بصوتها، بلش بـ"أجمل فرحة"!
تعليقات
إرسال تعليق