القائمة الرئيسية

الصفحات

جريدة بوابة الاخبارية في حديث حصري مع الدكتور علي عبد العزيز مدرس بقسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة المنصورة وحديث حصري


مقابلة بواسطة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


في زمن اختلطت فيه القيم، وانقلبت فيه المفاهيم، وصار الناس يتكلمون في الشريعة على أهوائهم 

فقد أثار عدد من القراء تساؤلات عديدة عن جرائم التحرش الجنسي وجرائم الزنا والاغتصاب هل السبب فيه الرجل أم المرأة ؟

ومن ثم كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور : علي عبد العزيز مدرس بقسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة المنصورة 

 حول نظرات وتأملات في كتاب الله عز وجل.. 

دكتور علي 

لماذا بدأ الله عزّ وجل بالمرأة قبل الرجل عند الحديث عن عقوبة الزنا ؟ رغم أن الإثنين شركاء في نفس الجريمة ؟

بينما بدأ الله سبحانه وتعالى بالرجل قبل المرأة في الحديث عن جريمة السرقة ؟هل هناك حكمة من هذا الترتيب في الآيتين؟

نعم هناك حكمة من وراء هذا الترتيب فحينما نص ربنا ـ عز وجل ـ على عقوبة الزنا بدأ بالمرأة .. فقال سبحانه : ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ......﴾


وحينما تحدث عن عقوبة السرقة بدأ بالرجل فقال تعالى : ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا .... ﴾

وللعلماء تأملات في التقديم والتأخير ـ بين الرجل والمرأة ـ في الآيتين.

ففي آية الزنا بدأ الله ـ عز وجل ـ بالأنثى فقال سبحانه : ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ..... ۝﴾


والسبب في ذلك أن المرأة هي التي تُمّكِن الرجل من هذا الفعل فلا يتصور عقلا أن تقع جريمة الزنا بدون تمكين من المرأة .. ولو امتنعت المرأة عن تلك الجريمة ومنعت نفسها عن الرجل ما وقعت تلك الجريمة.

فما يؤخذ من المرأة برضاها هو الزنا 


وما يقع عليها رغمًا عنها فهو الاغتصاب، وهو أمر آخر تكون فيه المرأة ضحية ومجني عليها .

أما في جريمة الزنا فهي مجرمة آثمة .. وهي التي دفعت الرجل بملابسها الفاضحة ونظراتها وحركاتها المثيرة لأن يقع في تلك الجريمة، ثم مكنته من ارتكابها.


ولو منعت نفسها منه واحتشمت عنه، ما كان ليستمر في حديثه الناعم معها وتحرشه بها حتى وصل إلى جريمته.

فالمرأة في جريمة الزنا هي البادئة بالفتنة والإثارة، ولهذا حمّلها الله المسؤولية الأولى في الزنا.


 هل وضعت الشريعة الإسلامية العراقيل أمام المرأة لحمايتها من ارتكاب تلك الجريمة؟


نعم لقد أحاطت الشريعة الإسلامية المرأة بسياج واقي من الوقع في تلك الجريمة حيث أمر الله سبحانه وتعالى المرأة المسلمة بالعديد من الأوامر التي من شأنها أن تغلق هذا الباب لو التزمت بها، وهو ما يسميه علماء الأصول بسد الذرائع.

من ذلك:


1. أمر الله ـ عز وجل ـ المرأة أن لا تكون لينة رقيقة ناعمة بالكلام مع الرجال فيطمع فيها مريض القلب الذي يحسبها صيدًا سهلاً ويظن بها الظنون، فقال تعالى: ﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِۚ ﴾


2. أمر الله ـ عز وجل ـ المرأة أن تستتر باللباس الدال على الحشمة الذي يمنع من إثارة الفتنة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّۚ﴾


3. أمر الله المرأة أن تغض بصرها عن الرجال، فقال تعالى: ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾


4. أمر الله المرأة بعدم إبداء زينتها للأجانب عنها من الرجال تجنبًا للفتنة، فقال تعالى: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ...﴾


5. أمر الله المرأة بعدم الضرب بقدمها على الأرض أثناء المشي، فقال تعالى: ﴿ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ﴾

كل تلك الأوامر كانت لمصلحة المرأة أولًا، بغرض حفظها وصيانتها، ولتعلم كم هي غالية وعزيزة وكريمة في نظر الشرع الحكيم.


 فهل وضعت الشريعة قوانين تحمي المسلمين والمسلمات من ارتكاب الجرائم عموما ؟


نعم إن الله ـ عز وجل ـ ما حرم شيئاً إلا وأغلق دونه الأبواب الموصلة إليه، لذلك تجده سبحانه في آيات التحريم يختمها بقوله: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ... ﴾

أي من الواجب عليك أن لا تقترب من الحرام، وأن لا ترتكب أي فعل يوصلك للحرام .. فالزنا حرام، وكل فعل يوصل إلى ذلك الحرام فهو حرام أيضًا .

لذلك كان النظرُ إلى النساء بشهوة حرام لأنه مقدمة الزنا وداعية إليه، كذلك شرب قليل الخمر رغم أنه لا يسكر، حرام لأنه مقدمة الكثير وداعية إليه، وكذا في سائر المحرمات.

فالواجب عليك أن لا تقترب من كل ما يوصلك للحرام ويدفعك للوقوع فيه.


 إذن لماذا بدأ الله سبحانه وتعالى بالرجل في جريمة السرقة وأخر المرأة ؟


بدأ الله ـ سبحانه وتعالى ـ في جريمة السرقة بالرجال أولا فقال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾

ولم يبدأ هنا بالنساء كما في آية الزنا، وذلك لأن الرجال أكثر جرأة على ارتكاب جريمة السرقة من النساء.. وأكثر وقوع جرائم السرقة تكون من الرجال، ويشهد بذلك الإحصائيات العالمية الآن لتلك الجريمة.


بل إن المافيات والتشكيلات العصابية المتخصصة في السرقة البسيطة والسرقة بالإكراه تكون غالباً من الرجال، لذلك بدأ الله سبحانه بالرجل في حد السرقة.


تعليقات