بقلم: فؤاد زاديكى
اَلْغَيْرَةُ كَمَا يَعْرِفُهَا ٱلنَّاسُ لَيْسَتْ نَوْعًا وَاحِدًا، بَلْ هِيَ عَلَى نَوْعَيْنِ: غَيْرَةٌ حَاسِدَةٌ قَاتِلَةٌ، وَ غِبْطَةٌ بَنَّاءَةٌ تُشَجِّعُ وَ تُحِبُّ وَ تَمْدَحُ.
فَٱلْغَيْرَةُ ٱلْحَاسِدَةُ تَنْبُعُ مِنْ قَلْبٍ مُمْتَلِئٍ بِٱلْكُرْهِ وَ ٱلْحِقْدِ، تَسْعَى إِلَى زَوَالِ ٱلنِّعْمَةِ عَنْ غَيْرِهَا، وَ تُضْمِرُ ٱلشَّرَّ وَ تَتَمَنَّى ٱلضَّرَرَ.
وَ صَاحِبُ هٰذِهِ ٱلْغَيْرَةِ لَا يَنْعَمُ بِٱلرَّاحَةِ، بَلْ يَعِيشُ فِي صِرَاعٍ دَاخِلِيٍّ دَائِمٍ، تُقَضُّ مَضَاجِعُهُ، وَ تُعَمِّي بَصِيرَتَهُ، وَ تَجْعَلُهُ يَرَى فِي نَجَاحِ ٱلآخَرِينَ هَزِيمَةً لَهُ.
أَمَّا ٱلْغِبْطَةُ، فَهِيَ شُعُورٌ نَقِيٌّ، يَنْبُعُ مِنْ نَفْسٍ رَاضِيَةٍ، تُقَدِّرُ مَا عِنْدَ ٱلآخَرِينَ وَ تَتَمَنَّى لَهُمْ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلنَّجَاحِ، دُونَ أَنْ يَكُونَ فِي ذٰلِكَ أَيُّ حِقْدٍ أَوْ ضِغْنٍ.
اقرا ايضافي حصاد العام المالي 2024 -2025م :
اقرا ايضابرقية تهنئة مؤيدة بأجمل الورود
اقرا ايضا خالد يوسف يكشف الحقيقية عن قافلة الصمود
ٱلْمُغْبِطُ يَفْرَحُ لِنَجَاحِ صَدِيقِهِ، وَ يُشَجِّعُهُ، وَ يَسْعَى أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ، وَ يَجْعَلَ مِنْ نَجَاحِهِ حَافِزًا لِنَفْسِهِ.
وَ مِنْ هُنَا كَانَتِ ٱلْغِبْطَةُ غَيْرَةً إِيجَابِيَّةً، تُثْمِرُ مَحَبَّةً وَ تَعَاوُنًا، بَيْنَمَا ٱلْغَيْرَةُ ٱلْحَاسِدَةُ تُنْتِجُ عَدَاوَةً وَ صِرَاعًا.
وَ فِي ٱلتُّرَاثِ نَقُولُ: "ٱلْحَسُودُ لَا يَسُودُ"، لِأَنَّهُ يَهْدِمُ بِنَفْسِهِ، وَ لَا يَبْنِي، يُفَكِّرُ فِي هَدْمِ مَا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَ لَا يُطَوِّرُ نَفْسَهُ.
فَلْنَكُنْ مِنْ أَهْلِ ٱلْغِبْطَةِ، نُشَجِّعُ بَعْضَنَا، نُحِبُّ ٱلنَّجَاحَ لِغَيْرِنَا كَمَا نُحِبُّهُ لِأَنْفُسِنَا.
وَ لْنَعْلَمْ أَنَّ ٱلْحَيَاةَ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ نَغَارَ بِشَرٍّ، أَوْ نَحْقِدَ بِقَسْوَةٍ.
فِي ٱلنِّهَايَةِ، مَنْ يُحِبُّ ٱلْخَيْرَ لِغَيْرِهِ، يَجِدُ ٱلْخَيْرَ يُحِبُّهُ أَيْضًا، وَ مَنْ يَكْرَهُ ٱلنِّعْمَةَ لِغَيْرِهِ، فَقَدْ حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ.
ٱلْقُلُوبُ تَشْهَدُ، وَ ٱلأَعْمَالُ تُثْبِتُ، فَلْنَجْعَلْ غَيْرَتَنَا نُورًا لَا نَارًا، وَ تَشْجِيعًا لَا تَثْبِيطًا.
تعليقات
إرسال تعليق