متابعة الكاتب الصحفي عمر ماهر
ببلد مليان أصوات، وصور، وصراخ شهرة، بتطلع نجمة وحدة بصمت، وبهدى، وبشياكة، بتقلك: “أنا الفن، أنا الرسالة، وأنا المحبة”. ليلى عز العرب... مش بس ممثلة. هي فصل كامل من فصول النُبل، والرقي، والاختيارات الذكية، والاحترام لذات الفنان قبل جمهورو.
مجلة Niche العالمية، يمكن قالت كلمة حق بتكريمها، بس الأكيد إنو تكريمها ما غطّى كل يلي لازم يُقال. لأنو ببساطة، ليلى ما بتنوصف بجائزة. بتنوصف بحالة وجدانية، بتجربة إنسانية، وبصوت بيحكي باسم جيل كامل عم يصرخ: "بكفّي سطحية، بدنا فن نضِفّ روحنا".
من وين منبلّش؟ من عينها؟ من ضحكتها؟ من هيبتها؟ من تمثيلها؟ ولا من طريقة مشيها على الشاشة؟
ليلى عز العرب مش بس ممثلة عم تطلع بمشهد وبتفلّ. لا. هي لوحة كاملة، بريشة فنان صادق. حضورها بيشبه غنوة كلاسيكية بتسمعها لأول مرة وبتحسّ كأنك حافظها من زمان. بتخليك ترجع طفل قدام التلفزيون، تشم ريحة بيت جدّك، وتحس إنو الزمن بعدو بألف خير.
كل مشهد إلها هو عمل فني مستقل. كل شخصية بتمثّلا، بتاخد من روحها، من ثقافتها، من احترامها لفنّها. هي من الناس اللي إذا قرّت سيناريو، ما بتفكّر بالشهرة، ولا بالتريند، ولا بالأجر. بتفكّر بالسؤال: "هيدا الدور، رح يزيد شي للناس؟ رح يغيّر شي جوّاتي؟ رح يعلّمني ولا بس يستهلكني؟"
هيدي مش نجمة، هيدي من نوع بيخاف عليه من الانقراض... بيحطّوه بالمتحف!
آه يا ليلى، لو بتعرفي قديش نحنا عطشنا لنجمة متلك! بكل معنى الكلمة، إنتِ من سلالة فنية لازم نحطها بقلب، ونقفل عليها خوفًا من زمن عم يبلع القيم متل السيل. زمن صارت الشهرة فيه نكتة، وصار الفن فيه حيط أي حدا بيكتب عليه يلي بدو ياه!
إنتِ مش بس نجمة. إنتِ نداء لضمير الفن العربي. إنتِ عتب على الزمن إنو خباك هالفترة كلها، بس لما طلّيتي... طلّيتي ملكة. متل العطر الغالي يلي بيبقى أثره حتى بعد ما يفلّ. ومتل الحكي العميق يلي ما بينتسى، حتى لو سكتتي.
ولما مجلة Niche قرّرت تكرّما... ما عملت معروف، عملت واجب!
هيدي المجلة العالمية يلي بتختار بعناية الشخصيات يلي بتكرّما، شافت فيكِ مش بس فنانة. شافت فيكِ أيقونة. رمز. مرآة للفن النظيف، والذوق الرفيع، والحرفية العالية. بس خلينا نكون واقعيين... تكريم واحد؟ ما بيكفّي. بدنا سلسلة تكريمات، وندوات، ومؤتمرات عن شو يعني تكون فنان محترم، يتعلّموا فيها من سيرة ليلى عز العرب.
يلي بيحب الجمهور، بيختار متلها. وبيحترم متلها. وبيشتغل بعقله، مش بغروره
ليلى عز العرب ما كانت بيوم فنانة لحظة. كانت دايمًا مشروع عمر. ممثلة بتطبخ الدور ع نار هادية، ما بتستعجل المجد، ولا بتشوّه حالها لتضوي. هي من النوع يلي بيعرف إنو احترام الجمهور بيجي من احترام النفس. وإنو الفن مش ساحة معركة، بل مساحة صدق، وإحساس، وأصالة.
وبالحقيقة؟ هي عم تعلّم، من دون ما تقول. عم تدرّس، من دون ما تمسك طبشورة. عم تترك أثر بكل مشهد، بكل سطر، بكل تنهيدة، بتقول فيها: "أنا ليلى... بس مش أي ليلى."
وكل ما طلّت، منقول: "هاي مصر يلي منحبّا، وهاي الفنانة يلي بدنا ياها"
ليلى بتذكّرنا بالزمن الجميل، إيه، بس كمان بتفرجينا إنو الزمن الحلو بعدو فينا... إذا حفظنا على فنانين متلها. مصر فيها كتير وجوه مضوّت، بس ليلى عندها شي نادر: حضور أمّ، حكمة ستّ، حنان إنسانة، وهيبة فنانة ما بتتهاون مع فنها.
هي مش بس بنت بلدها. هي سفيرة مشاعرنا، مش بس بأعمالها، بل بطريقة كلامها، بسكوتها، بابتسامتها يلي بتحسّها من القلب، ومن القلب... دغري للقلب.
وهلّق، خلونا نطالب بأوسكار لليلى عز العرب... بس مش أي أوسكار!
بدنا أوسكار خاص، أوسكار على "الصدق"، على "الذوق"، على "النية النضيفة"، على "الشغف". لأنو هي ما عم تمثّل، هي عم تعيش الدور. وهي ما عم تلمّع صورتها، هي صورتها أصلًا جوهرة. ولأنو فنانين متلها، ما بيجوا كل يوم، لازم نحضن حضورها، نحفظوه، نغار عليه من النسيان، ونصرخ بصوت عالي:
"يا ليلى... إنتِ الأمل، إنتِ الجمال، إنتِ مثال الفن الراقي، ونحنا منحبّك، وبنفتخر فيك، وبنقول: لو في شي بيستاهل نمدّلو السجادة الحمرا، فهو إنتِ، وبكل فخر!"
تعليقات
إرسال تعليق