القائمة الرئيسية

الصفحات

مقالة عمق المشاعر في حالة العشق الخالد

عمقُ المشاعرِ في حالةِ العشقِ الخالد

بقلم: فؤاد زاديكى

أيّها الحبُّ المنطلقُ من أعماقِ القلبِ، و المشبعُ بأحاسيسِ الدفءِ الغافِي على كتفِ الزّمانِ، هلمّ بنا نعبرُ آفاقَ الوجودِ لنغرسَ في بساتينِهِ كرومَ عشقِنا، و نخلّدَ أسطورةَ المتعةِ المعبّرة عن رغبتِنا بِامتلاكِ كلّ ما في الكونِ من فرحٍ و حبورٍ و هناء.
إنّك القادرُ على خلقِ عالمٍ جديدٍ لا يفترُ وجدُهُ و لا تَعيا جهودُهُ. أقبِلْ بروعتِكَ و انسجْ من مُخيُلةِ الواقعِ وقائعَ ما عشناهُ من مواقف و أحداثٍ. إنّ العشقَ الخالدَ لا يعرفُ حدودًا و لا يُقَيَّدُ بلغةٍ، لأنّه أسمى من التعبيرِ، و أوسعُ من المعنى، و أعمقُ من التّصوّر.

هو الحنينُ المتّقِدُ في ليالي الاشتياقِ، و الرجفةُ التي تهزُّ أوتارَ القلبِ حينَ يهمسُ اسمُ الحبيبِ على شرفةِ الذّاكرة. هو بوحُ الأرواحِ حينَ تَصطخِبُ بالعطرِ و الذّكرى، و قُبلةُ العيونِ المتلاقيةِ تحتَ ظلِّ الوجدِ الصّامتِ و الحنينِ، الذي لا ينام.
في حضرةِ العشقِ الخالدِ، تتلاشى الحُجُبُ بينَ الواقعِ و الخيال، و تُصبحُ الأحاسيسُ كائناتٍ حيّةً تُلامسُ الوجدانَ بلمسةِ ملاكٍ، و تُحيي فينا نبضًا لا يعرفُ الموت. إنّهُ الجنونُ العاقلُ، و الرّوحُ، التي تسكنُ جسدينِ و لا تنفصلُ.

و كيفَ للعشقِ أن يموت؟ و هو الذي يُولدُ فينا آلافَ المرّاتِ، كلّما ابتسمَ الحبيبُ، أو نطقَ بحرفٍ، أو مرَّ بنا طيفُهُ كوميضِ الحلمِ على خدِّ الوقتِ. العشقُ الخالدُ لا يشيخُ، بل يزدادُ نضارةً و ألقًا معَ مرورِ الأيامِ، كأنّهُ غرسٌ في جنّةٍ لا تذبلُ أوراقُها، و لا يجفُّ نبعُها.

في عمقِ هذا العشقِ، تسكنُ الحقيقةُ العاريةُ من الزّيفِ، و يتجلّى الإخلاصُ بأبهى صورهِ، حيثُ لا مكانَ للخذلانِ، و لا طريقَ للغيابِ.
نَحيا بهِ و منهُ، نستنشقُهُ في كلّ تنهيدةٍ، و نرتشفُهُ من كأسِ العمرِ، كأسًا لا ينضبُ و لا ينكسر.

هو الوجودُ المتكاملُ بينَ الحبيبينِ، حيثُ يسكنُ كلٌّ منهما في الآخرِ دونَ قيدٍ أو شرطٍ، و تنصهرُ الذّاتانِ في بوتقةِ واحدةٍ، لا تُفرّقُها المسافاتُ، و لا تُغيّبُها الأقدارُ.

يا عشقًا خُلِقْتَ من رحمِ الخلودِ، كنْ لنا وطنًا لا نُهجَرُ منهُ، و زمنًا لا ينتهي، و شمسًا لا تغيبُ عن سماءِ قلوبِنا.
دعنا نروي حكايتَكَ للأجيالِ، نشيدًا لا يخفتُ صداهُ، و قصيدةً لا تُمحَى من سفرِ العاشقين.
لكَ وحدكَ نُصلّي، و بكَ وحدكَ نؤمن، و فيكَ وحدكَ نذوبُ كشمعةٍ تُضيءُ ليلَ الأرواحِ التّائقةِ للدفءِ و الأمانِ.

و إن سألوكَ عن معنى الحياةِ، فقلْ لهم:
"هي لحظةُ حبٍّ صادقٍ، في حضنِ من لا يعرفُ للغدرِ طريقًا، و لا للخيانةِ عنوانًا".

تعليقات